تقنيات سرديَّة في نصوص قصصيَّة

ثقافة 2020/10/04
...

بغداد: مآب عامر 
 
يطرح الدكتور سمير الخليل في مدخل كتابه (تقنيات سردية في نصوص قصصية) بوضوح شديد السؤال الأخطر (كما يصفه)، حول الذي يميز قصيدة النثر السردية (الومضة) عن القصة القصيرة جدا (الومضة القصصية)؟
ولعل مجمل النقاد يعرفون اختلاط التجنيس على المتلقين في هذا الأمر. علاوة على ذلك، فإن عددا محدودا من النقاد من يعي الفروقات الجوهرية بينهما مما أدى إلى صعوبة التمييز لاختلاطهما، كما يقول الخليل. وذلك لأنه يحتاج إلى دراسة خاصة يقوم بها ناقد واعٍ ليفك الاشتباك بينهما.
وعن أسلوبية القصة القصيرة جدا، يحدد الدكتور سمير الخليل، الخصائص التي تميز هذا النوع الأدبي، مثل توفر عنصر الحكاية فيها، وصغر حجمها وقصرها، وكذلك المحافظة على متانة البناء دون تضييع المقالة، وتوفر الوحدات الثلاث (الزمان- المكان- الحدث)، وتعميق الفكرة من خلال الرمز والتلميح والايهام، والادهاش او التشويق وغير ذلك.
الكتاب الذي صدر حديثاً عن دار الشؤون الثقافية العامة وزارة الثقافة وضمن سلسلة نقد كتاب، هو دراسات نموذجية في التقنيات المستخدمة من قبل الخليل وكذلك الثيمات المصاحبة لها. كما أنه يقود القارئ المهتم إلى بعض التجارب القصصية العراقية والعربية ومنها: (قبوط هتلر) لحميد الزامل وإدانة مظاهر البؤس والحرمان، محاولة الإمساك بالحياة في (المملكة السوداء) لمحمد خضير، قراءة في قصة (لعبة الشطرنج) لأحمد خلف، الرؤية الصوت في مجموعة (حافات الحلم) لإيناس البدران، كسر الانساق الثقافية ومرجعياتها في مجموعة قصص (السلم) لحنون مجيد، الرعب في (شرق بعيد) لمحمد علوان جبر، (تل حرمل) لحميد الربيعي أسطرة المكان وانكسار الامل، المتعاليات النصية في قصص (ضحكة خاتون) لرغد السهيل، الذات المأزومة في قصتي (عتمة الظهيرة) و (قُبل معلبة) الكرديتين لمحسن أحمد عمر وكارون عمر كاكا، والسرد الثاوي في قصص (كتاب الحياة وقصص أخرى) لعبد الأمير المجر، وغيرها.
ففي دراسة «وخز الحواس في – الهجرة إلى مملكة الثلج» لحميد الزاملي يقول الدكتور: حين نتلمس صفحات هذه المجموعة القصصية الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 2012، نلمح في قصة (عندما يأتي المطر) انسيابية هادئة وأحداثاً متتالية يحكمها ترابط تواصلي يجمع بين العودة إلى الذاكرة بمرارتها الأليمة، وواقع أكثر ايلاماً تعيشه ذات السارد، وبوصف لا يمازحه الاطناب يعمد إلى توليفه تمتزج فيها ثنائية التذكر والواقع المعيش، والفقدان والاجتماع، والتوافق والأفول بين الحبيب المغادر والمحبوبة الآفلة بمشتركات الخسارة والانتظار المر، فكأنه يعمد إلى «مطاردة الخيال في لقطاته الواقعية».  أما في «محاولة الإمساك بالحياة في المملكة السوداء» لمحمد خضير يرى الخليل، أن: للوعي الذي يتمتع به القاص أثرا واسع النطاق والمدى، لاسيما هذا الاستثمار والتوظيف الرائع لمجاورات فن القصة كالتشكيل والسينما والمسرح وغيرها من الفنون البصرية.
 إن محمد خضير مشغوف إلى حد الوله بنقل الواقع الخارجي بمجمل تشعباته وايقاعاته ومآسيه وافراحه، وعنها يقول القاص نفسه –في هذه القصة عبرت عن وجوه الحياة الهائلة، تلك الوجوه التي تستفزني وتطل علي والتي يصعب عليّ تحنيطها إنها وجوه تتكاثر في الطرق والمدن وقطرات الليل وغابات النخيل وفي الذاكرة المأسورة للطواطم – ولعل هذه القصة التي تنسجها مخيلة محمد خضير هي قصة أشياء وعوالم حاول ادخالها في مجهره القصصي لا قصة أشخاص وسرد حوادث وذروة وخاتمة”. جاء الكتاب في (208) صفحات من القطع الكبيرة.