عباس الصباغ
الفرق شاسع بين الركون تحت قيمومة الدولة كحاضنة قانونية للحكومة وللمجتمع الاهلي، والبوتقة التي تتفاعل فيها عناصر العقد الاجتماعي مجتمعة، حيث تمارس الدولة سلطتها وسيادتها القانونية والاعتبارية، وبين الركون تحت هامش الدولة او خارج نطاقها القانوني، فيستوجب أن تعيش الدولة في ظروفها الطبيعية وأن تكون دولة حضارية وعصرية (دولة العقد الاجتماعي الحقيقي وحفظ حقوق الانسان)، والا فإن الهامش يعني الدخول في متاهات اللا معقول، حيث يكون المآل هو شريعة الغاب وانفراط آليات العقد الاجتماعي، وحينئذ يصبح الخروج من نطاق الدولة أمرا مفروغا منه ومستساغا، لمن يحب أن يعيش تحت الهامش، ومن علامات تلك الهامشية التي اقترن بها المشهد السيا/ الامني العراقي تلك الفوضى الخلاقة، التي ترسخت كنتيجة عرضية للتغيير النيساني المزلزل (2003) والتي ادت الى استسهال ظاهرة الانفلات العام وخرق القوانين، سواء كممارسات مرفوضة تتعلق بالأعراف الاجتماعية او على صعيد عدم احترام هيبة الدولة كمؤسسة ضابطة للأمور والمحتكرة للسلطة وممارستها بوجه قانوني، ومن نتائج الفوضى الخلاقة المدمرة، التي جعلت الكثيرين من غير المنضبطين خارج نطاق الدولة وعموم المجتمع كأصحاب المليشيات المرتبطين بالأجندات الاقليمية والخارجية، التي لا تريد خيرا للعراق وأهله، فظهر السلاح المنفلت الذي اساء كثيرا لسمعة العراق كدولة آمنة ومستقرة، فضلا عن تعريض سيادته للخطر بسبب تلك الامتدادات الخارجية المشبوهة، كما اضرّت هذه الظاهرة بالأمن الوطني العراقي وعرّضت أمن مواطنيه للخطر الدائم.
ويضاف الى ما تقدّم السلاحُ الشخصي غير المنضبط، الذي يستخدم وبدون حسيب او رقيب في بعض النزاعات العشائرية والشخصية وخاصة داخل المدن التي شهدت عملية (ترييف) واسعة النطاق في العقود الاخيرة من خلال عمليات النزوح غير مسبوقة، فقد تسّبب هذا السلاح بحالات من الدمار والهلع لدى المواطنين العزل، والحل هو تفعيل قانون (حصر السلاح بيد الدولة) لاحتواء السلاح المنفلت والعناصر غير المنضبطة وهو تحدٍ واجه الحكومات السابقة جميعها دونما حل، فكان هذا السلاح هو اهم مظهر من مظاهر الدولة العميقة التي عرّضت هيبة الدولة والسلم الاهلي للخطر ويجب ان تفرض الدولة هيبتها بهامشها القانوني الحضري ويكون ذلك على الجميع دون استثناء.