بكر صدقي العسكري

ثقافة 2020/10/14
...

باسم عبد الحميد حمودي
 
في كتاب حسين الجاف «بكر صدقي – قائد انقلاب عام 1936» التاريخي الذي يعالج مرحلة من أخطر مراحل تطور الدول الحديثة في الشرق، يعالج المؤلف الاحداث التراجيدية التي صاحبت انقلاب 1936 والذي قاده الفريق الركن بكر صدقي العسكري مع زميله الفريق عبد اللطيف نوري ضد وزارة ياسين الهاشمي.
أكثر قضية ناقشها المؤلف قضية اغتيال الفريق جعفر العسكري وزير دفاع الحكومة المقالة التي أمر بها الفريق العسكري وذلك لكي يتجنب المواجهة المباشرة معه ومع قوات الجيش المنتفضة التي تحركت بالاتفاق بين الفريقين العسكري ونوري، وبدعم واضح من قبل الملك غازي، رأس البلاد الذي اراد التخلص بضربة واحدة من قيادات الصف الاول ذات النسق العثماني المهيمنة التي شاركت والده الملك فيصل الاول الحكم.
كان إبعاد مجموعة الهاشمي ياسين ونوري السعيد ومولود مخلص والتيارات المحافظة عملا سعى اليه تيار الاصلاح الذي من انصاره السادة: حكمت سليمان (رئيس الوزراء الجديد) ووزراؤه كامل الجادرجي  وجعفر أبو التمن ويوسف ابراهيم، وغيرهم.
كان هذا الانقلاب أول حركة عسكرية سياسية في العراق والعالم العربي بعد بدء حركة استقلال الشعوب العربية، وقد برز خلال هذا الانقلاب هروب عدد من الساسة التقليديين الى خارج العراق وتشكيلهم تحالفات مع أجنحة عسكرية داخلية وقفت ضد توجهات الانقلابيين الاصلاحية التي لم تكن متكاملة، برز خلاله التيار الاصلاحي الكوردي، وقيام توافقات أدت الى استقالة مجموعة من الوزراء الاصلاحيين وتعيين سواهم.
إن عدم استطاعة حكومة حكمت سليمان المنبثقة عن هذا الانقلاب القيام بواجباتها الوطنية لسبب وآخر، أدى الى تمرد جزء من القوات المسلحة في الموصل وقيام هذه المجموعة باغتيال بكر صدقي وزميله قائد القوة الجوية، وانهيار الوزارة بعد هذا لـتأتي وزارة جميل المدفعي التهديئية التي نجحت في نزع فتيل الأزمة الى حدٍّ ما. إن كتاب الجاف هذا يُسلط أضواء جديدة على الاحداث السالفة ويضع بكر صدقي في مقدمة الاصلاحيين من الضباط، وهو موضوع خلافي الى الان، نجح الأستاذ الجاف في إبراز التفاصيل السياسية والفكرية لصدقي بلغة تاريخية سلسة تستحق الإشادة.