القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
يعد الارهاب الاعمى الذي يطول الابرياء الآمنين من أبشع جرائم العصر،اذ يستهدف الأبرياء الذين لم تبد منهم عداوة أو اعتداء على أحد، ان هذه المظاهر الإجرامية القاسية والمتوحشة تنطوي على خطر كبير، لأنها لا ترحم رضيعا أو صغيرا و لا امرأة و لا شيخاً كبيرا، باستهدافهم بالقتل و أعمال العنف و الرعب و انتهاك حرياتهم و اهدار حقوقهم و إزاء تزايد الاعمال الارهابية، فقد أخذ موضوع الارهاب يحتل مكانة كبيرة من اهتمام فقهاء القانون الجنائي، لما تشكله هذه الظاهرة من خطر عظيم على الجميع و في العراق الذي أصبح الساحة الاولى لمحاربة الارهاب في العالم، حيث تكالبت العناصر الارهابية لتمارس القتل والتفجيرات و الخطف، و راحت تعبث براحة المواطن العراقي و تمارس العمليات الارهابية لنشر الذعر و الخوف بين الناس و تدل مراجعة التشريعات العراقية المتعلقة بالمظاهر الارهابية على أن المشرع العراقي قد سار في البداية على غرار أغلب التشريعات الوطنية التي اعتمدت بالأساس على قانون العقوبات في مواجهة الارهاب الداخلي و الدولي غير أن الظروف التي مر بها العراق منذ عام 2003 و تزايد العمليات الارهابية من سيارات مفخخة و عبوات و أحزمة ناسفة و الاغتيالات و تخريب و تدمير الممتلكات العامة و الخاصة ، دفعت المشرع العراقي لإصدار قانون خاص و مستقل لمعالجة الجرائم الارهابية، اذ صدر قانون مكافحة الارهاب رقم ( 13) لسنة 2005 وبالرغم من أن المشرع العراقي قد شدد العقوبة على مرتكبي هذه الجرائم الخطيرة الا ان هناك موانع من العقاب و يقصد بها الاعذار المعفية من العقاب هي الاسباب التي نص عليها القانون باعتبارها مانعة من العقاب و تسمى كذلك موانع العقاب و أثر هذه الموانع قاصر على رفع العقوبة عن المجرم، رغم توفر شروط المسؤولية الجنائية مع بقاء الفعل على اصله من التجريم ووفقا لاحكام المادة (128 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، فالأعذار أما أن تكون معفية من العقوبة أو مخففة لها و لا عذر الا في الاحوال التي يعينها القانون و ما عدا هذه الاحوال يعتبر عذرا مخففا ارتكاب الجريمة لبواعث شريفة أو بناء على استفزاز خطير من المجني عليه بغير حق و يجب على المحكمة أن تبين في أسباب حكمها العذر المعفي من العقوبة، و العذر المعفي من العقاب يمنع من الحكم بأية عقوبة أصلية أو تبعية أو تكميلية و موانع العقاب في قانون العقوبات العراقي، يعفى من العقوبات المقررة في المواد 56 و 57 و 58 من قانون العقوبات كل من بادر باخبار السلطات العامة بوجود اتفاق جنائي و عن المشتركين فيه قبل وقوع أي جريمة من الجرائم المتفق على ارتكابها و قبل قيام السلطات المختصة بالبحث والاستقصاء عن أولئك الجناة و يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة اذا بادر بابلاغ السلطات القضائية، أما الاعذار المخففة للعقاب هي الظروف المنصوص عليها في القانون التي تستوجب تخفيف العقوبة وقد نص المشرع العراقي في قانون مكافحة الارهاب العراقي رقم (13) لسنة 2005 على موانع العقاب في الجريمة الارهابية حيث تنص المادة (5) منه : (1-يعفى من العقوبات الواردة في هذا القانون كل من قام باخبار السلطات المختصة قبل اكتشاف الجريمة أو عند التخطيط لها واسهم باخباره في القبض على الجناة أو حال دون تنفيذ الفعل . 2 - و يعد عذرا مخففا من العقوبة للجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون للشخص إذا قدم معلومات بصورة طوعية للسلطات المختصة بعد وقوع أو اكتشاف الجريمة من قبل السلطات و قبل القبض عليه و أدت المعلومات الى التمكين من القبض على المساهمين الاخرين، اذ ان المشرع العراقي اعتبر مبادرة احد الجناة الى ابلاغ السلطات المختصة سواء في مرحلة التحقيق الابتدائي في الدعوى او سلطة القبض القضائي التي تتولى جميع الاستدلالات قبل وقوع الجريمة او عند التخطيط لها ما يؤدي الى القبض على الجناة او الحيلولة دون تنفيذ الجريمة و هذا ما يتفق مع تجريم الشروع في ارتكاب الجريمة في القانون العراقي، و لا شك ان تقدير توافر هذه الشروط متروك لمحكمة الموضوع، اما الفرض الثاني فهو ان يسلم المتهم نفسه و يدلي بمعلومات طواعية للسلطات المختصة و في هذه الحالة اجاز القانون العراقي للقاضي ان يعتبر ذلك عذرا مخففا، ونرى من اجل القضاء على الاعمال الارهابية و من اجل فتح الباب امام انتشال الاشخاص الذين يمكن وصفهم بحديثي العهد بهذه الاعمال من الضروري تعديل المادة المذكورة و ذلك باتباع الحكم الوارد في المادة 129 من قانون اصول المحاكمات الجزائية اي بمنح عفو عن طريق القضاء لمن يقدم معلومات من المساهمين، بدلا من جعل العقوبة السجن