طرق الموت.. الى أين؟

آراء 2020/10/17
...

 حميد طارش *
حوادث السير واحدة من أسوأ تحديات الحق في الحياة الذي كفلته الاديان والمواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، وقد تفوّق كتهديد، للحق المذكور، على القمع السياسي والارهاب والجريمة المنظمة، ولاتقتصر أضرار الحوادث المذكورة على ازهاق الارواح بل تمتد الى الخسائر المادية للاشخاص والدولة، فقد ذكر أحد التقارير الرسمية بأن كل معاق بسبب الحوادث المذكورة يُكلف الدولة ما يقرب من عشرة آلاف دولار فضلا عن تعطيل طاقته المرجّوة في بناء الدولة، وأما الآلام النفسية للمصاب ولأسر المتوفين وما تخلفه من ايتام وارامل وامهات واباء ثكلى فإنها لاتقدر بمال، وعلينا ان نتصور حجم المأساة اذا ما نظرنا الى الاحصائيات الرسمية لوزارة الصحة ووزارة الداخلية، إذ اعلنت الاولى في عام 2018 بأن عدد الضحايا للسنوات العشر السابقة بلغت (100) ألف قتيل ومصاب، فيما فصلت الثانية، بأن عدد الوفيات ما يقرب من (23) ألفا، وعدد الاصابات (79) ألفا، وفي بيان آخر للمفوضية العليا لحقوق الانسان اوضح بأن حوادث السير أودت بحياة اكثر من (2500) شخص خلال النصف الاول من عام
 2019.
احصائيات مهولة صادرة من جهات حكومية لكن لانرى أي حركة باتجاه معالجة الموضوع الذي اصبح كابوسا لكل من يريد السفر من محافظة الى أخرى بعد أن سميت العديد من الشوارع بطرق الموت ولم تلبِ مناشدات الناس بالخلاص منها، ولم تؤخذ بنظر الاعتبار تصريحات منظمة الصحة العالمية بشأن العراق بوصفه من الدول الاسوأ في العالم من حيث حوادث السير، فضلا عن قرارات الامم المتحدة المتعلقة بواجب الحكومات في حماية حق الانسان في الحياة من كل ما يشكل خطرا عليها ومنها حوادث السير.
الامر الجدير بالملاحظة هو ان معالجة الموضوع لاتتطلب خبرات ومؤهلات نادرة واموالا طائلة، فتوسيع الشوارع وتعبيدها ووضع العلامات المرورية وتحديد السرعة ومراقبتها وفرض الغرامات الجدية على المخالفات واعتبار استخدام الموبايل من المخالفات الكبيرة وقيام المفارز المرورية بالاختبار العشوائي للمركبات من حيث المتانة واتخاذ الاحتياطات المطلوبة ومحاسبة المسؤولين والشركات التي عبدت بعض الشوارع بطريقة رديئة واعتبارها جريمة فساد مالي وجريمة قتل لأنهم يعلمون مسبقا بأن الغش في عملهم ليس فقط لنهب المال العام، وانما سيؤدي الى قتل الناس وهذا يتطلب اصدار التشريعات المناسبة لمحاسبتهم بموجبها.
 
* باحث قانوني