جريمة اختراق أنظمة المعلومات

آراء 2020/10/18
...

القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي

مع التقدم المتسارع في جميع مجالات الحياة والتطور التكنولوجي في ‏مجال استخدام الحاسبات الآلية والتقنيات الحديثة وقد أفرز ذلك نوعاً ‏جديداً من الجرائم وهي جرائم المعلوماتية أو جرائم الانترنت أو ‏الكمبيوتر، وحيث إنَّ الجريمة هي إفراز للمجتمع ومظهر من مظاهره و‏من ثم تعكس ظروف المجتمع، ومع ظهور هذا النوع من الجرائم ظهرت ‏مشكلة كيفيَّة مواجهة هذا النوع من الجرائم وعجز النصوص القانونية ‏التقليدية في مواجهة هذه الجرائم المستحدثة وكيفية تطويع النصوص ‏القانونية الجنائية مثل المواد المتعلقة بالسرقة والنصب والاحتيال و‏خيانة الأمانة والإتلاف. وعلم المعلومات يقصد به العلم الذي يهتم ‏بالموضوعات والمعارف المتصلة بأصل المعلومات وتجميعها وتنظيمها ‏واختزالها واسترجاعها وتفسيرها وتحويلها واستخدامها، فالمعلوماتيَّة ‏تتضمن عنصرين هما المعلومات والبيانات والمعلومات هي مجموعة ‏رموز يستخلص منها معنى معين في مجال محدد، أما البيانات فهي ‏المعطيات والبيانات الأولية المتصلة بجهة معينة وهي المدخلات للنظام ‏المعلوماتي.
وتشكل البيانات المادة الخام التي تم تشغيلها للحصول على ‏أشكال أكثر فائدة واستخدامها مع المعلومات وإنَّ تقنية المعلومات تعني ‏التزاوج والالتحام بين الأنظمة المعلوماتيَّة كل ذلك أدى الى تحويل العالم ‏كله الى وحدة سكنيَّة واحدة، فأدى الى خلق شبكات على المستويين ‏الداخلي والدولي تسمح بجمع وتخزين ومعالجة المعلومات في عدة ‏دول في ذات الوقت.
وتكتسب جرائم الحاسب الآلي أهمية خاصة؛ ذلك أنَّ ‏المجتمعات أصبحت تعتمد اعتماداً رئيساً على الحاسب الآلي، وذلك ‏لدخول الحاسب في جميع مجالات الحياة وأنَّ وجود معالجة ‏البيانات أو نظام المعالجة الآلية للمعطيات هو بمثابة الشرط الأول الذي ‏يلزم تحققه حتى يتم بحث ما إذا كان هناك اعتداءٌ على نظام المعالجة ‏الآلية للبيانات من عدمه وأنَّ تدمير نظم البيانات والمعلومات يفوق في ‏الضرر المترتب عليه ذلك الضرر الناجم عن إتلاف المعدات الماديَّة ‏الخاصة بنظم المعلومات، لأن البيانات والمعلومات أصبحت ذات قيمة ‏مالية واقتصادية كبيرة. ويعكف على إعداد البرامج خبراء متخصصون ‏ويستغرق عملهم بضع سنوات كالبيانات المتعلقة بالتجارة الالكترونية و‏كذلك البيانات وبنوك المعلومات المنتشرة في مجال الإدارة والصناعة، وأابرز ما يميز سمة التركيز الواردة فيها فما كانت تحويه السجلات ‏الضخمة أصبح مخزوناً على شريط ممغنط (‏c.d‏) ونظراً لقيمة ‏المعلومات فقد جرمت التشريعات التعدي عليها سواء كان ذلك التعدي في ‏صورة تدمير لها.
ويقصد بتدمير نظم المعلومات هو إتلاف أو محو ‏تعليمات البرامج ذاتها ولا يهدف التدمير الى مجرد الحصول على منفعة ‏الحاسب أياً كان شكله، ويبقى ببساطة إحداث ضرر بالنظام المعلوماتي وإعاقته عن أداء وظيفته والإتلاف يعني إفناء مادة الشيء أو على  الأقل إدخال ‏تغييرات شاملة عليها بحيث تصبح غير صالحة للاستعمال في الغرض ‏الذي من شأنه أنْ يستعمل فيه فتضيع قيمته تبعاً لذلك بالنسبة الى مالكه، أما ‏التعييب فيعني إفناء جزئياً لمادة الشيء أو إدخالاً لتغييرات محددة بحيث ‏تنقص كفاءة الشيء للاستعمال في الغرض المحدد له ولا فرق بين ‏الإتلاف والتعييب وجريمة الدخول الى النظام والبقاء غير المشروع فيه ‏وتقع هذه الجريمة من أي إنسان أياً كانت صفته سواء كان يعمل في ‏مجال الأنظمة أم لا علاقة له بالحاسب الآلي وشبكاته وسواء كانت لديه ‏المقدرة الفنيَّة على الاستفادة من النظام أم لا إنما فقط يكفي ألا يكون له ‏حق الدخول الى النظام كما يتحقق الدخول الى النظام والبقاء فيه بأي ‏وسيلة تقنيَّة.