القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
مع التقدم المتسارع في جميع مجالات الحياة والتطور التكنولوجي في مجال استخدام الحاسبات الآلية والتقنيات الحديثة وقد أفرز ذلك نوعاً جديداً من الجرائم وهي جرائم المعلوماتية أو جرائم الانترنت أو الكمبيوتر، وحيث إنَّ الجريمة هي إفراز للمجتمع ومظهر من مظاهره ومن ثم تعكس ظروف المجتمع، ومع ظهور هذا النوع من الجرائم ظهرت مشكلة كيفيَّة مواجهة هذا النوع من الجرائم وعجز النصوص القانونية التقليدية في مواجهة هذه الجرائم المستحدثة وكيفية تطويع النصوص القانونية الجنائية مثل المواد المتعلقة بالسرقة والنصب والاحتيال وخيانة الأمانة والإتلاف. وعلم المعلومات يقصد به العلم الذي يهتم بالموضوعات والمعارف المتصلة بأصل المعلومات وتجميعها وتنظيمها واختزالها واسترجاعها وتفسيرها وتحويلها واستخدامها، فالمعلوماتيَّة تتضمن عنصرين هما المعلومات والبيانات والمعلومات هي مجموعة رموز يستخلص منها معنى معين في مجال محدد، أما البيانات فهي المعطيات والبيانات الأولية المتصلة بجهة معينة وهي المدخلات للنظام المعلوماتي.
وتشكل البيانات المادة الخام التي تم تشغيلها للحصول على أشكال أكثر فائدة واستخدامها مع المعلومات وإنَّ تقنية المعلومات تعني التزاوج والالتحام بين الأنظمة المعلوماتيَّة كل ذلك أدى الى تحويل العالم كله الى وحدة سكنيَّة واحدة، فأدى الى خلق شبكات على المستويين الداخلي والدولي تسمح بجمع وتخزين ومعالجة المعلومات في عدة دول في ذات الوقت.
وتكتسب جرائم الحاسب الآلي أهمية خاصة؛ ذلك أنَّ المجتمعات أصبحت تعتمد اعتماداً رئيساً على الحاسب الآلي، وذلك لدخول الحاسب في جميع مجالات الحياة وأنَّ وجود معالجة البيانات أو نظام المعالجة الآلية للمعطيات هو بمثابة الشرط الأول الذي يلزم تحققه حتى يتم بحث ما إذا كان هناك اعتداءٌ على نظام المعالجة الآلية للبيانات من عدمه وأنَّ تدمير نظم البيانات والمعلومات يفوق في الضرر المترتب عليه ذلك الضرر الناجم عن إتلاف المعدات الماديَّة الخاصة بنظم المعلومات، لأن البيانات والمعلومات أصبحت ذات قيمة مالية واقتصادية كبيرة. ويعكف على إعداد البرامج خبراء متخصصون ويستغرق عملهم بضع سنوات كالبيانات المتعلقة بالتجارة الالكترونية وكذلك البيانات وبنوك المعلومات المنتشرة في مجال الإدارة والصناعة، وأابرز ما يميز سمة التركيز الواردة فيها فما كانت تحويه السجلات الضخمة أصبح مخزوناً على شريط ممغنط (c.d) ونظراً لقيمة المعلومات فقد جرمت التشريعات التعدي عليها سواء كان ذلك التعدي في صورة تدمير لها.
ويقصد بتدمير نظم المعلومات هو إتلاف أو محو تعليمات البرامج ذاتها ولا يهدف التدمير الى مجرد الحصول على منفعة الحاسب أياً كان شكله، ويبقى ببساطة إحداث ضرر بالنظام المعلوماتي وإعاقته عن أداء وظيفته والإتلاف يعني إفناء مادة الشيء أو على الأقل إدخال تغييرات شاملة عليها بحيث تصبح غير صالحة للاستعمال في الغرض الذي من شأنه أنْ يستعمل فيه فتضيع قيمته تبعاً لذلك بالنسبة الى مالكه، أما التعييب فيعني إفناء جزئياً لمادة الشيء أو إدخالاً لتغييرات محددة بحيث تنقص كفاءة الشيء للاستعمال في الغرض المحدد له ولا فرق بين الإتلاف والتعييب وجريمة الدخول الى النظام والبقاء غير المشروع فيه وتقع هذه الجريمة من أي إنسان أياً كانت صفته سواء كان يعمل في مجال الأنظمة أم لا علاقة له بالحاسب الآلي وشبكاته وسواء كانت لديه المقدرة الفنيَّة على الاستفادة من النظام أم لا إنما فقط يكفي ألا يكون له حق الدخول الى النظام كما يتحقق الدخول الى النظام والبقاء فيه بأي وسيلة تقنيَّة.