رحيق الكلمات

ثقافة 2020/10/19
...

سلام مكي
 
مرة ابتسمت.. 
فتساقطت أسناني مثل جدار
كشف عن بيت
بلا نوافذ
على بابه الوحيد
يقف فارس من العصور التي لم تأتِ بعد
ينتظر أحدا يطرق الباب
ليستيقظ رمحه
ويبدأ في طعن الظلام
ومرة بكيت..
فتجمعت كل مياه النهر في عينيّ
فلم يعد يشعر بضفتيه
ولم يعد يشعر.. بمائه أيضا
********
لم أتوقف عن التصفيق يوما
رغم أني لا أملك جناحين
بل أملك 
أصابع طويلة
تستطيع حمل بندقية محشوة بالكلمات
أطلقها كلما احتجت إلى شتم العالم
********
كجثة راقصة
فوق بركة منسية
أنتظر مياه النهر البعيد
لأحتضن موجة هاربة من التيار
وأختبئ خلف أغصانها الذابلة
كخصلة مقطوعة من
من رأس بلا جسد
وفي المساء
أشرب نخب النهاية
التي لن تأتي
بكأس مهشّم
وشفتين حمراوين
ثم أقفز على الطاولة 
مثل قرد كسيح
أحلّق في الغرفة
مثل فراشة مذعورة
تبحث في الكلمات 
عن رحيق غير موجود
*******
كلما قضمت المسافة بيننا
تخبو عيناي 
وحين ألفظها 
أعود فأرى كل التضاريس التي لم يصل إليها أحد
رغم أن الطريق معبّد بوجهك القاحل 
ورغم أن السلسلة الشفافة، حلّقت هي الأخرى، في سماء مجهولة 
أين أجد المفاتيح؟ أين أجد النهر الذي جفّت ضفتاه 
وغار ماؤه في الفراغ 
كيف ستستقبل الأقفال مفاتيحها؟ 
كيف سأمحو ما كتبته بالأمس؟
كيف سأتجول في الحديقة،
 والأشجار لا تكف عن رسم العورات في التراب
كأنّها تحن إلى أبينا المعذب في حقول الانتظار 
آه يا أبتِ، ليتك أكلت الشجرة كلها 
ليتك لم تنمْ مع أمنا
ليتك بحثت في الساحات والأزقة والسماوات حتى
عن سرير غيرها 
في أحشائي، مازالت أسنانك، تطرق الجدران 
والبذور تتناسل كأنها أجنة عشق عابر
********
كعادتي..
سأخرج هذا الصباح
لأجمع ما تيسّر من دقائق في سلّة الذكريات
ثم أنثرها على السرير
لأختار منها ما يدعوني للبكاء 
هل أنا كأسٌ، لتشربني الحياة هكذا؟
هل أنا بقرة صفراء لتذبحني النواميس؟ 
هل.. هل.. هل أنا حقا أنا؟ 
أم مجرد رصاصة في جيب بندقية!