في العراق طبيعة إنسانية يتميز بها كثير من أهل البلاد دون غيرهم من غالبة العباد، ألا وهي الرغبة في أن يكون الواحد منهم هو الأساس في كل شيء والعارف بكل شيء، وليس جزءاً من الشيء، كما هو عند الأقوام الأخرى، وفي حال التكلم عن الأمن مثلاً نجد، بائع الخضرة يحدد التهديدات والخروق، وسائق التكسي يتكلم عن الأهداف

 والأسبقيات. 

وهكذا الأمر في أحوال السياسة التي نجد في محيطها فلاحاً يتكلم عن التوازن مع دول الجوار ويناقش العلاقات مع المحيط الإقليمي، طالباً في الثانوية وعاملاً يُنظر في دور العراق بالتوازن الدولي، ويبدو أن هذه الطبيعة غير المستحبة عند باقي شعوب الأرض، قد دفعت بالمواطن العراقي ألا يكتفي بالقول

 والافتاء. 

بل وسار بعيداً باتجاه السعي في أن يكون طرفاً في قرارات تهم المفاصل العليا في الدولة، عليه نلاحظ أن الدولة وعندما يتخذ مسؤولوها قرارات ذات طبيعة حساسة، لا يعطيها المجتمع فسحة زمنية كي تثبت نواياها، ولا يأخذ هو فسحة لفهم النوايا.

وبدلاً من هذا يتوجه الى النقد والذم وأحياناً الى ارتكاب أفعال ترقى الى وصفها بالإرهاب، كما حصل في موضوع سنجار الذي أعقب الاتفاق أعمال حرق وخطف ما كان لها أن تكون لو شعر المواطن والسياسي أنه جزء من الكل. 

إنَّ هذه الطبيعة البشرية السلبية أسهمت مع غيرها من أخطاء وأوجه قصور الى إحداث حالة الفوضى والاضطراب التي يعاني منها المجتمع

 العراقي. 

طبيعة لا يمكن تعديلها في السلوك بمجرد الكلام، بل ومن خلال الحاجة الى فهمها أولاً وتضافر الجهود للخروج من محيطها، والحاجة كذلك الى سلطات عليا قوية ذات رؤى صحيحة وقدرة عالية على فرض هذه الرؤى على المجتمع الكبير.