في العُنف والاقصاء

آراء 2020/10/20
...

 علي المرهج
 
 
العنف سلوك وممارسة فيها ما هو موروث من الوسط الأسري والاجتماعي، وفيها من الموروث الفكري، ليتحول الفكر إلى سلوك عدواني عند الفرد يرفض فيه كل رأي أو قول يغاير متبنياته أو ينتقدها.
لعوامل البيئة الاجتماعية الدور الكبير في تنمية هذا السلوك وتوجيهه نحو التسامح أو نحو العُنف.
لـلغة دور في تنمية سلوك التطرف عند الفرد، فكلما كانت تربية الفرد في وسط بيئي واجتماعي مشحون بألفاظ عُنفية، نجد الفرد يختزن هذه الألفاظ للتحول عنده إلى سلوك عدواني.
عُنف اللغة وكمية التعابير المستهجنة في اللهجة العامية عندنا في العراق تُورَث عنفاً سلوكياً أشد وأقسى من عُنف اللهجة.
لنظام الوصاية الأبوية أثرُ في تنمية السلوك العنفي عند الأبناء، وهو ذاته في القبيلة أو العشيرة، عندما يمارس الشيخ فرض وصايته على أبناء قبيلته، وكذا الحال في(الحزب القائد)، فأغلب القيم والشعارات تنتهي بموت القائد.
 لا تنتهي الممارسة العُنفية بسقوط (قائد الحزب أو مؤسسة) وأتابعه من المُتملقين الذين يُجيدون التمجيد على قاعدة مُستعارة من مسرحية(عادل إمام) "الزعيم"( أنت الشعب والشعب أنت) و (لا زعيم إلَا الزعيم)، لأن شكل الحياة عندنا مبني على وفق الموالاة.
إنَّ نمط التعليم على قاعدة التلقين إنما هو ممارسة عُنفية واستغفال لعقل التلميذ، لأنها عملية تحمل في طيَاتها استخفافا، بعقل التلميذ وكبتا لآرائه، على قاعدة (كاد المعلم أن يكون رسولا) وكأن الباطل لا يأتيه لا من أمامه ولا من خلفه!، والتلميذ لا مهمة له سوى التلقي السلبي لقول( المعلم). إنه عُنف التربية، في التربية الدينية، هناك مؤسسة دينية عليا، ومهمة العباد طاعتها واتباعها.
عند الصوفية هناك الشيخ والمُريد، ولا مكان لمُريد في حلقة الشيخ، إذا لم يكن الهيام بمحبة الشيخ وطاعته أصل من أصول تواجده في حلقات الذكر.
في هكذا تنميط للعقل ينتج توليد للعُنف، وستجد المُتطرف يُسلم عقله بيد شيخه، لأنه سلم التفكير لعقل غير عقله، عقل تمكن من الهيمنة عليه ليُحركه ذات اليمين وذات الشمال، وهو فرح بهكذا توجيه على قاعدة (ذبها بركبة عالم واطلع منها سالم)!.