حارث رسمي الهيتي
في كتابه (براديغما جديدة لفهم عالم اليوم) يشير آلان تورين الى مفهوم دولة الرعاية، يعرفه ويؤشر ظروف تحققه.
مؤكداً أن نموذجاً مثل هذا لا يظهر الا في حالة إيمان المجتمع كل المجتمع مع طبقته السياسية، أو اولئك الذين يتولون أمره بأن موضوعاً مثل الرفاهية التي يجب أن تتوفر للشعب المحكوم تشكّل أولوية لهم، مثلها مثل الأمن القومي بل تقل عنه
مرتبةً.
من جملة الأحلام التي تلبّستنا بعد 2003 ان نحيا كبشر، أن نعيش في ظل دولة تحترم
آدميتنا.
تعمل وتناضل من أجل أن تحقق عيشاً لائقاً أفتقدناه أبان الحكم الديكتاتوري، ونتيجة لذلك الحلم والايمان العميق وقتها بأننا سنصل الى منطقة الأمان، منطقة الرفاهية والاستقرار.
مرحلة الآدمية قدمّنا كثيرا من الدماء يوم كنا نقف طوابير طويلة لانجاح الاعراس الانتخابية كما كانت تسمى
أيامها!
بعد كل هذا، بعد سبعة عشر عاماً من التضحية والصبر والآمال، لا يزال المواطن العراقي كلما مرت على البلاد أوقاتاً سيئة يكون هو ضحيتها الأولى، المضحك بالموضوع، ان هذا المواطن العراقي عليه أن يدفع دائماً ثمن أخطاء لم يقترفها.
لم يشارك في رسم السياسات التي أدت الى نتائج باهظة، ذنبه الوحيد ولعله الأهم حسب اعتقادي، هو أنه يسهم بإيصال المذنبين نفسهم الى موقع المسؤولية في كل مرة تتاح له حرية استبدالهم.
أيام الطفرات الهائلة في اسعار النفط خلال عقودٍ مضت لم يجنِ منها شيئاً، كانت الأموال تحت تصرف "الزعيم الأوحد" ونجليه وحاشيته التي أُتخمت من لحوم الغزلان، بينما بقيَّ هو يأكل الــ"محروك اصبعه".
وفي الحصار الاقتصادي عاقبت أميركاً هذا المواطن ونجا الديكتاتور، لاحقاً بقيَّ هو الضحية، هو الجائع الحالم المتأمل، وبقيت السلطة هي التي تشبع وتخطئ وتعيد الخطأ، الشبه الوحيد بين العهدين/الزمنين هو ان كلاهما لا يعتقد أن من حقنا أن نرتاح، ونعيش كبشرٍ
أسوياء.