ولا هم يزرعون

آراء 2020/10/20
...

 د. كريم شغيدل
 
 
في لقاء مع وزير المالية المصري تم التركيز على عبارة أطلقها تقول:( نمو الاقتصاد المصري برغم تداعيات وباء كورونا) عبارة ملفتة إذا ما قارنا الأمر بوضعنا، مصر بـحوالي (100) مليون نسمة وموارد زراعية وصناعية وسياحية ومساعدات وعمالة خارجية تحقق نمواً اقتصادياً في مثل هذا الظرف، بينما العراق ذو الـ (30) مليون نسمة ويصدر ملايين البراميل من النفط الخام يعاني من الركود والتراجع، في حين تهمل عندنا العديد من الموارد وتهدر ملايين الدولارات في استيراد المشتقات النفطية والطاقة والسلع الاستهلاكية، وعلى مدى(17) عاماً لم نجد من يفكر بإحداث متغيرات جدية في البنية الاقتصادية، حتى تحولنا تدريجياً إلى دولة ريعية استهلاكية، تعتمد كلياً على صادرات النفط، كما تعتمد كلياً على ما تستورده من دول الجوار، التي شهدت نمواً اقتصادياً متفاوتاً أو استقراراً على أقل تقدير، على الرغم من قلة مواردها مقارنة
 بالعراق.
(17) عاماً لم تكن كافية لإنشاء مصافٍ لتكرير البترول، فما زلنا نستورد البنزين والكاز، وكانت كافية لتخريب قطاعي الزراعة والصناعة بصورة مبرمجة من قبل قوى متنفذة متواطئة مع الدول المستفيدة من خيرات العراق، قضية المنافذ الحدودية لم تحل وعمليات تهريب النفط لم تتوقف والكهرباء بات ملفها في طي النسيان، مشاريع التنمية متوقفة، الإعمار في خبر كان، المشاريع الستراتيجية معدومة تماماً، فرص العمل تتضاءل، الرواتب غير مؤمنة، المديونية في تزايد، الدينار في تراجع، وأرقام المال العام المهدور والمسروق مهولة.
في دولة نفطية كالعراق كان بالإمكان إنشاء صندوق سيادي منذ السبعينيات، لكن النظام السابق بعنجهيته وتوجهاته التخريبية أهدر كل ميزانية العراق في الحروب الطائشة، التي لم تجلب لنا سوى الدمار، كما أن الحكام الجدد بعد التغيير لم يكلفوا أنفسهم عناء التفكير بذلك، بل أهدروا المال العام بمشاريع وهمية وسرقات، ولم يفكروا لا بتنمية صناعية ولا بنهضة حضارية ولا هم يزرعون، بل لم يفكروا بإعادة تأهيل بعض المصانع المنتجة للسلع الاستهلاكية، ولم يفكروا بإنشاء مشاريع ستراتيجية بالآجل، ولم ىيستثمروا المنافذ الحدودية ولا السياحة بصورة صحيحة، ويبدو أنه لا أمل على المدى القريب بأية متغيرات نوعية.