{خــــارج الجـــوق} شـعــراً

ثقافة 2020/10/20
...

د. رسول محمد رسول
 
في مطلع شهر شباط من العام الحالي 2020 وقع بين يدي الديوان الخامس تحت عنوان (خارج الجوق) للشاعر أمير الحلاج كهديةٍ منه إليّ، وكنّا يومها في شارع المتنبي، قرأتُ قصائد الديوان يومها سريعاً فأسرتني الصور الشعرية فيه، لا سيما أن عنوان الديوان له ملح افتراقي. والديوان يضمُّ قصائد كتبها الشاعر خلال أربع سنوات 2014 –  2018 وصلت إلى اثنين وخمسين نصاً شعرياً، وهي ضميمة دسمة أدلقها الشاعر لقرّاء الشعر الحديث في ديوانه هذا.
يفتتح الديوان بقصيدة عنوانها (جوق) فيقول فيها:
"ربما خارج الجوق أعزفُ،
حيث انفرادي وقوفاً،
له نسق يملك البصمة المشرقة".
 
حسناً بدأ الديوان بهذه القصيدة كونه يعمل فيها ملفوظ عنوان الديوان لا سيما مفردة "جوق" ليؤكّد علاقة الشاعر بما يحيط بهذا الجوق الذي يعزف الشاعر قصائده منفرداً بوقوفه كاتباً/ قائلاً الشعر، وهو انفراد له تداعياته النسقية المتوهّجة إشراقًا، انفراد له "باب رؤيا.. تطل إلى
الصبح".
كثيرة هي الأسئلة في قصائد هذا الديوان، وفي أغسطس 2016 كتب الشاعر قصيدة (ما الذي يتبلور؟) وهي قصيدة عابقة بالسؤال وأنهاها بصيغة تساؤليّة فكتب قائلاً: "ما الذي سيكون؟"، وهو سؤال الإنسان في حيرة الوجود الذي يعيشه. لكنه في قصيدة "تضاريس" يتساءل أيضاً: 
 
"ما لنا نتشبّث من سلطة الخوف بالوهم،
كي نتخطى عقابيل فعل
مضى ما يحرّكه
وانزوى في الزوال؟".                  
        
يكابد الشاعر الحياة حتى يقف عند خطوط الدول الحدودية، ليقول لنا بأن الحيرة غرّته ويتساءل: 
"هل أخرج القدمين من سطوة الوقوف فأمضي وبي جهل من قادم يراودني بسطوته؟". وفي ظل هذه الحيرة يعلن الشاعر بأن دكّة الصبر ملّت؛ "إذ من بعد التخبّط لا بدّ من صرخة طافرة"! لكنه سيقول لاحقاً:
"ولنا ازدهار الكبوات
وأغنيات
تنتقي الآخذين بالتحليق
علاماتها الفارقة الملامح".
وفي لحظة الخوف من الحياة يقف الشاعر، وعبر قصيدة عنوانها (لقاء)، عند ضآلة قوة اليد فيقول:
أمدُّ كفي المرتعشة
لكفٍّ لم يفارقها يوماً الارتعاش 
يا لهذه اللحظة المبتسمة
وهي تطنب قبة حجب الشمس".
 
وفي قصيدة تالية عنوانها (إنهم يعبرون) سيتحدث عن "جوهر قبضة الكف الملتحم الأصابع"، وما يهم هنا التعاضد الدائم ولذلك ينبري قوله الشعري:
 
فأحزم أمرك للشروع
كي لا يمسك كفيك اللجام".
 
وهذ ما قاله في قصيدته التي كان عنوانها (اللجام) ولكن لا لجام سوى لجام الشعر فهو المسافة التي لا يحدها حد ولذلك يعد – الشعر – حرية لا يقاومها المقاوم تكتب الحياة بكل ما فيها في كينونة الزمان حيث لا حاجب أمام الشعر ليقول الوجود شعراً ويزهو به بين الناس في خضم الوجود.  
ما يسر في هذا الديوان هو أن لغته الشعرية لا تحجب المعنى ولا تخفي دلالته ولا إيحاءاته ولا تضيق فيه الصورة الشعرية لكونها – اللغة الشعرية– تحوز على كل قيم المعنى والتعبير لدى الشاعر. 
والقصائد في هذا الديوان مغرية في إيحاءاتها للمعنى والصفات ما يستدعينا قراءته قراءة أكثر جدية لاستقدام القيم الجمالية
 فيها. في الديوان قصائد
 أخرى. 
ويُذكر بأن للشاعر دواوين عدة حتى الآن منها: (مواجيد الحلاج) 1989، و(نقطة فوق هامش التوضيح) 1998، و(من النقطة إلى الدائرة) 2001، و(الدائرة خارج الشرنقة)
 2016.