أحمد حسين
تستعر في العراق نار منذ العام 2003 وحتى الآن، وللحقيقة والأمانة التاريخية هذه النار اكتوى بها آباؤنا وأمهاتنا واخواننا وأخواتنا ونحن وأبناؤنا وبناتنا ولربما سيستمر هذا السعير، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
لا أريد أن أحدد تاريخاً لهذه النار المستعرة ورمادها، الذي يخفت بين فترة وأخرى، لكنني أود تسليط الضوء على من ينفخ فيها أو في رمادها، النافخون اثنان لا ثالث لهما، احدهما ينفخ في رماد خبى وخمد ولم تعد له جذوة حرارة بهدف الكشف عن طبيعة وقود هذه النار ومعرفته للحذر والتحذير منه، تفادياً لاندلاع لظاه مجدداً، أما الآخر فهو ينفخ من أجل تأجيج ألسنة اللهب ليحرق بها ما تطوله نواياه وليغذيها بما تحتاجه من حطب ووقود يدر عليه ما يدر من مكاسب.
لست ضد الأول فهو الباحث عن سبل الوقاية من الحرائق التي تأتي على اليابس الجاف المهترئ، والأخضر النضر الباعث للحياة، هو يريد أن يحافظ على ما تبقى من حياة في هذا الوطن المبتلى بالنيران الداخلية والخارجية، يرغب بأن نعيش حياة لا نطمح إلى أن تكون مثالية، بل على أقل تقدير أن تغدو طبيعية لا تشوبها المؤامرات والدسائس، ونحن معه نبحث عن قشة نتعلق بها لانتشالنا من الغرق في حمم بركانية تحرقنا بلهيبها قبل أن تمتلئ صدورنا بمياه المخططات الآسنة.
أما النافخ الثاني فهو المارد الذي لم نعد نستطيع أن نحلم مجرد حلم بمواجهته، فقد تحول من نافخ في الرماد إلى نافخ في الصور، فهو بإمكانه أن يميتنا ويحيينا بأمر منه، أن يجعل منّا أدوات تنفذ مشيئته الفردانية أو أن نكون جثامين "مسحولة" ومرفوعة فوق الأكتاف لتعبيد طريق الخوف والترهيب وإدامة وباء الفزع الذي تفشى فينا منذ عقود من الزمن قبل أن نسمع بوباء كورونا، هذا الوباء الفتاك الذي أنهك دولاَ عظمى وجعلها تقف عاجزة أمامه واستطعنا نحن أن نتغلب عليه في نسب الشفاء، بحسب تصريحات منظمة الصحة العالمية، ولربما لو كان بلدنا في غير وضعه الحالي، لكنّا أول بلد يعلن القضاء على فيروس كورونا، لكن ورغم قدرتنا على مواجهة وباء كورونا لم نستطع حتى الآن إيجاد علاج أو لقاح لمواجهة وباء الفزع.
أظننا بحاجة إلى القضاء على النافخين في رماد الرعب قبل التفكير بمكافحة فيروس كورونا.