السياسي

آراء 2020/10/23
...

 حميد طارش
لا يمكن تصور تقدم الدول ورفاه مجتمعاتها من دون الساسة الذين يعملون على تحفيز الطاقات واستثمارها في خدمة الناس، بعيدا عن التمييز والعنف والكراهية والصراعات وليس في قاموسهم معنى للفساد ونهب المال العام او أي تفضيل لمصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، ومن امثلة ذلك، مهاتير محمد باني ماليزيا الحديثة، ولذلك اذكر في بداية سبعينيات القرن الماضي، وقبل ان يستفحل الاستبداد، كانت النظرة الاجتماعية للسياسي، ممن هو خارج السلطة آنذاك، بشيء من الاجلال والتقدير، كونه شخصا يضحي بمصالحه الخاصة، بل وبنفسه وبأسرته من اجل اسعاد مجتمعه، وقد لمست ذلك الاحترام وتلك المهابة للسياسي حتى من قبل الافراد الشقاواتن الذين كان يطلق عليهم تسمية(الخوشية) فكانوا ينصتون وينصاعون لهم وهكذا الامر من قبل الافراد الآخرين.
والسؤال الاهم لماذا غادر السياسي تلك المنزلة، لعل الضربة الاولى جاءت من تفضيل مصلحته الخاصة على مصلحة الوطن العامة ونهبه للمال العام واصبح عاملا مفرّقا بين تنوعات الشعب، بعد ان كان موحدا لهم ولا يعرف التمييز بينهم طريقا الى قلبه وعقله ومثيرا للنزاع، بعد أن كان لا يقبل بأي نزاع داخلي، فاصبح غير مهاب وضعيفا، وكانت النتيجة خسارتهم وكما قال نلسن مانديلا" أي رجل أو مؤسسة يحاول سرقة كرامتي سوف يخسر"، ولعل هذا السبب دفع احد اصدقائي الفائز بدورة برلمانية من عدم الترشح لدورة نيابية اخرى، وعندما سألته عن سبب ذلك أجابني بانه يخجل من العمل السياسين حيث اصبح موضع استهجان الناس وسبابهم ودعائهم علينا، وبالتأكيد لا يمكن تعميم ذلك على جميع الساسة، لكن هنا يصدق قول هنري كيسنجر" تسعون بالمئة من السياسيين يعطون للعشرة الباقية منهم السمعة السيئة"،وما آل اليه امر الساسة يدفعنا للتفكير جيدان في ما قاله شارل ديغول"لقد توصلت الى نتيجة أن السياسة موضوع أخطر بكثير من أن نتركه للسياسيين"، بل وذهب البعض الى عدم التعويل على الانتخابات للخلاص منهم" لأننا لم ننتخبهم اصلا" أي بمعنى اغتصبوا السلطة بالتزوير! وهذا الطريق اصبح ممهدا لهم في اي انتخابات! واعتقد ليس المقصود بالتزوير هنا هو التزوير التقليدي وانما منظومة كاملة تتمثل في تأجيج التمييز والصراع الداخلي والمال السياسي والاستقواء بالاجنبي وهكذا.