حجاز كار هكذا تعلم الفار

ثقافة 2020/10/24
...

 مقداد عبدالرضا

كل التجارب التي يقوم بها الإنسان لإثبات شيء ما تكون عادة على الفئران, ويقال لن تبارح السفن الموانئ إنْ لم يكن فيها عددٌ من الفئران، ذلك أنها تحس الفواجع والبراكين والعواصف وحتى (العواطف) وأكثر النساء تهاب الفئران، وكان لي في ما مضى محلٌ لبيع الكوزماتك في شارع النهر يجاورني صديقٌ يبيع الملابس ويحمل حقداً معلناً يصل الى الصراخ في بعض الحالات لأنه ابتلي بجرذٍ كبيرٍ دائماً يجده في الصباح وقد أتى على الكثير من هذه الملابس، ويوم أنْ اصطاده تعجبنا جميعاً لمرآه، كان يشبه قطاً, احتفل جاري بهذا الصيد, كان الجرذ داخل القفص الذي ضاق به لكبر حجمه, أشعل ذيله أول الأمر ثم ما لبث أنْ اطفأه وعاد ثانية وأشعل مؤخرته واطفأها، وهكذا الى أنْ قضى عليه وهو في قمة سعادته.. أطلق (هلهولة) تجمع على إثرها الكثير عندها قام بتوزيع الحلويات احتفالاً بهذا الانتصار العظيم.
لا عليكم من شططي وعذراً، نعود لحكاية فئران السفن، حكى لي بحار عراقي بعد أنْ أسند ظهره المنهك الى الجدار (هذا البحار كان مولعاً بلعبة كرة القدم، حتى أنه في أحيانٍ كثيرة يتمارض ويتأخر عن السفر من أجل لعبة حتى وإنْ كانت محليَّة، كان يقول لي إنَّ لعبة كرة القدم تذكره زوجته التي اختفت فجأة من دون أنْ يعرف عنها أي شيء، كانت تجيد الرقص بقدمين عاريتين بشكلٍ أخاذ وكأنها واحدة من أهم لاعبي كرة القدم في العالم), قال كنت بحاراً, ومن نكد الحظ أنَّ السفينة التي كنت مسؤولاً عنها تنقل دائماً الحنطة والشعير، وهو خبز الإنسان، لكنَّ الطامة الكبرى أنَّ جرذان السفينة كانت تأتي على الكثير من هذه المادة لأنها تحبها وكانت تسبب لنا حرجاً كبيراً, كنت ألاقي الأمرين من هذه الفئران وفي المقابل لا يمكن التخلص منها جميعاً, في أحد الأيام تفتقت عن ذهني فكرة مذهلة, قمت باصطياد البعض من هذه الفئران ووضعتها داخل صندوقٍ مغلقٍ وتركتها تأكل بعضها البعض وانتظرت بطل النهاية الذي سيلتهم الجميع, بعد أيامٍ فتحت الصندوق وأطلقت الفأر البطل، لم يتجه هذا الفار لالتهام الحنطة والشعير، بل راح يبحث عن رفاقه الفئران حتى يلتهمها، لقد تشبع بالدم، وبهذا استطعت أنْ أغير من شهية الفئران من حنطة وشعير الى شهية دم، ابتسم البحار وقتها ونام قرير العين، ألا ترون معي أنها قصة بريئة فيما عدا قصة الزوجة التي اختفت فجأة من دون أنْ يعلم زوجها البحار سبب الاختفاء؟