وأنت تسير مبتعداً

ثقافة 2020/10/24
...

لانا عبد الستار
.. وصمت كل شيء
خلفك
لم يعد اللون لوناً
وفقد الصوت نبرته
زخرفة الخزانة
التي تغزلنا بها
صارت شاهد قبر
يحفظ الاسم والتاريخ
يبكي عنده العشاق
خلفنا
كيف تحول كل شيء
بعدك
من الجنة الموعودة
لجهنم العذاب
من ضحك لبكاء
من الوجود للعدم
من الفرح لحجر في القلب
فراشنا الذي انزلق
تحتنا لأربعة ايام
مات تحتي
المرآة التي تزينت أمامها
لبست أقراطي
وتجلت بجمالي
أصبحت فجأة
لوحا اسودا
لا عمق فيها
ولا صورة
كنت هنا
قبل دقائق
وكان كل شيء يغني
ويرقص
وينضح بالسعادة
ويفور كنهود الغانيات
شاخ
حبات البندق المتناثرة
على مائدة سهراتنا
تبكي
بردت كل الحياة
وماتت
انكمش في تختي
و»مكانك خال»
انتشل ذاتي من ذاتي الأخرى
أحاول أنْ أستعيدَ خفقات قلبي
الخافتة
أستعيد بعضاً من روحي 
التي سرقتها
وحزمتها في حقيبتك
كنت هنا
قبل دقائق
وكانت الجمادات تنتشي
بنا
هذا هو الموت
هنا ضحكنا
هنا رقصنا
هنا لعبنا
هنا كنا غير مبالين بشيء
إلا بنا
كنت هنا بالأمس
تلتصق بالنافذة
تتغزل بالمطر
وها هي حبات المطر
تتواتر على شباكي
بشهيق
وألم
لماذا تركتني؟ 
في كل هذا العتم 
والخوف
تحولت كل البشر 
لذئاب مستعرة
بعد أنْ كانت 
وأنت معي
ملائكة بأجنحة مضيئة
بعد أنْ انفلتت يدي
من يدك المتعرقة
وأنت تسير مبتعداً
تركت جسداً
بنبض متباطئ
يؤول للزوال
وبقايا روح
أنكمشُ أكثر
لأستعيد ما تبقى مني
كان كل ما حولي
متقداً كجمر
وأنا أراقب الرماد
الآن
كيف يهوي في أعماقي
الأخضر صار كالحاً
والغيوم التي أمطرت بحب 
داكنة بسواد
هل كنت هناً فعلاً؟ 
وضحكنا كان حقيقة
ورقصنا كان رقصاً؟ 
هل يسقط كل شيء
بسهولة
وسرعة
هل يتحول كل الغناء
لنحيب؟ 
بلمحة انفلات مني؟ 
وكل نكاتنا 
التي أوجعت فكينا 
لحجر في القلب؟ 
ركبتاي تصطكان بصدري
لا تماسك
من رجفتي
ما زالت رائحة سيجارتك 
الأخيرة هنا
تنعش بقايا نبضات قلبي
ورشة الفهرنهايت
تسرب آخر ذرات الأكسجين 
لرئتي
لأقاوم كل شيء 
وأحلم
بموعد جديد
وعطر يفوح
بنكات تضحكني أكثر
وسعادة أكبر
بشمس لا تنطفئ
ومطر موسم غزير
بمرايا لا تعكس
إلا الجمال
وزجاجات تستعد للنشوة
لخزانات تتزين بلوحات
أجمل 
وحبات بندق مستثارة
بأسناننا الضاحكة
وبفراش يضج باللعب
ينزلق أكثر 
وأكثر. وأكثر. وأكثر