الكراهية والمواطنة

آراء 2020/10/27
...

   د. كريم شغيدل
في الأنظمة الديمقراطية المبنية على أسس الدولة الحديثة التي ترتكز على الدساتير، والقوانين النافذة، والمواطنة، ومنظومة الحقوق والواجبات، والحرية، والعدل، والمساواة، لا يحتاج المرء أن يتهم الآخر المخالف بالكراهية أو الحقد أو الإقصاء والتهميش وما إلى ذلك مما نتداوله نحن في حياتنا اليومية، طالما هو يعيش مع الآخر المختلف تحت سقف القانون. 
يعاني المسلمون الذين هاجروا وتجنسوا بجنسيات الدول الغربية من مشاعر الكراهية ضدهم وإضمار تهمة الإرهاب التي ألصقتها الجماعات الإرهابية التكفيرية المتطرفة بالإسلام، لكن لا أحد يجرؤ أن يعطل مصلحة المسلم أو يصادر حقه أو يزدريه طالما يحمل صفة المواطنة، ومن يظهر خلاف ذلك يتعرض للمساءلة
 القانونية.
سعت بعض القوى الظلامية الخارجية والداخلية منذ سقوط النظام الدكتاتوري حتى اليوم إلى تكريس الفرقة والكراهية بين مكونات الشعب العراقي، انجرف البعض واستعصم البعض الآخر، وواقع الحال يشير إلى فشل تلك المشاريع التي لم تنطلِ على الغالبية العظمى من شعبنا، ولو أن نخبنا السياسية نجحت ببناء دولة مواطنة لما كان للكراهية أثر يذكر.
تكرهني أو أكرهك، ونستدعي كل عقد التاريخ والجغرافية، وننبش كل زوايا التاريخ المظلمة، هذا لا يهم، فيما لو كنا نتمتع بمبدأ المواطنة، اقضِ مصالحي وأقضي مصالحك على وفق القوانين، لي حقوق مثلما لك، وعليك واجبات مثلما عليَّ، عند ذاك تتلاشى مشاعر الكراهية، ولا تصبح ثغرة يستغلها البعض لإثارة الفتنة بيني وبينك.
كونك تنتمي لحزب سياسي أو تيار ديني، فهذا جزء من حريتك التي وفرتها لك الدولة الديمقراطية التي لا تؤمن بها، وقبلها ما كنت تجرؤ على الهمس أمام أهلك ضد النظام، ولي الحق أن أنتمي لحزب آخر وتيار مخالف، وأن أحتج وأتظاهر. 
فمن خولك برفع السلاح ضدي؟ كيف استجمعت كل قوى الكراهية لمجرد أنك مستفيد من الفوضى والفساد وأنا متظاهر ضدهما؟ وكلانا في حماية الدستور الذي يكفل لك الانتماء ويكفل لي التظاهر، فيا لخيبة أملنا! سنبقى نحلم بدولة مواطنة من أجلي وأجلك، بينما تحلم أن تنفرد بدولة ميليشيات يتغلب فيها القوي على الضعيف، وما تنال إلا الفتات، بينما ينعم قادتك بثروات
 بلادك.