عشبة كلكامش.. القراءة شعراً

ثقافة 2020/10/30
...

  هدى عبد الحر
مع القصيدة بأشكالها كافة ومع القصة بأنواعها وتجلياتها وأدب الطفل وعوالمه، المسرح وصخبه، الصحافة ومتاعبها، ومع الإبداع دائماً هذا هو عبد الرزاق الربيعي الباحث الحقيقي عن جمرة الإبداع الأصيل في سهوب المعرفة.. ولد في بغداد عام (1961) وتخرج في جامعة بغداد كلية الآداب قسم اللغة العربيَّة عام (1986) عمل لمدة في دار ثقافة الطفل، غادر العراق إلى الأردن عام (1994) ثم إلى سلطنة عُمان التي يقيم بها منذ العام (1998) من دواوينه الشعرية (إلحاقاً بالموت السابق، وطن جميل للأطفال، حداداً على ما تبقى، ديوان مشترك ديوان الشعر العراقي، موجز الأخطاء، جنائز معلقة، شمال مدار السرطان)، ومن نتاجه الشعري المخصص للأطفال: (نجمة الليالي، وطن جميل، غداً تخرج الحرب للنزاهة، طفلة الماء). وله مسرحيات كثيرة منها (الصعاليك يصطادون النجوم، لا يزال الكلام للدوسري، أميل البيان عبد الله الخليلي بالاشتراك مع سعيد النعماني، كواكب المجموعة، سقراط، الكأس، امرأة الجحيم، آه أيتها العاصفة، البهلوان) كما صدر له: مدن وذكريات تعزف وقائع إعصار (جونو) العصية، ما وراء النص (مقالات) مرايا الشعر (حوارات) وغيرها كثير.
ومن الكتب المهمة التي تناولت تجربته كتاب (عشبة جلجامش جماليات الإيقاع في شعر عبد الرزاق الربيعي) للدكتور ناصر أبو عون.
اعتمد الناقد الدكتور ناصر أبو عون في دراسته جماليات الإيقاع في شعر الربيعي، على المنهج البنيوي أساساً اعتماداً على منهجية (كولدمان) السوسيولوجية التي ترى العمل الأدبي عملاً كاملاً، بالاستناد إلى المنهج التكاملي، الذي يعتمد على تحليل النصوص بصورة شمولية تحليل بنيته الصغرى والكبرى من خلال عناصره الفونولوجية والتركيبية والدلالية والبلاغية والسردية والسيميولوجية والالتزام بمضامين النصوص من دون تأويل أو توسعة.
أنبت الدراسة على أربعة محاور هي:
أولاً: البنية اللغوية: تتعلق بمحاولة البحث عن التقنيات تعبيرية أسلوبية لغويَّة.
ثانياً: البنية الإيقاعيَّة: الإيقاع الصوتي ـ إيقاع السرد والدلالة إيقاع البياض ـ إيقاع الأفكار فإنه من بين الأشكال الثلاثية التي تتخذها القافية عادة، سيطر الشكل الثاني الذي يتحطم فيه الروي وتظهر مكانه صيغة صوتية متكررة أو متناوبة نهاية كل سطر شعري لتحقيق نمط شعري ونمط من الانسجام الصوتي بين نهايات السطور، ثم أكثر نمط الوقفة والقافية والتشكيلات الإيقاعيَّة.
ثالثاً: البنية المعمارية: الشعر هو كيف أصوغ الكلمة وأكتبها وكأنها هندسة فنية ومعمارية، هندسة النص الداخلي شعورياً وفكرياً من حيث تجلياتها، في ما يتوزع إليه النص من مقاطع وسياقات تشكّل بمجملها بناءً متماسكاً داخل النص الواحد، ثم درس البناء المعماري في قصيدة الربيعي:  بنوعيه البسيط بشكليه (الدائري) و(الحلزوني) والثاني (البناء المعماري المعقد) بشكليه (التصاعد الجدلي) و(التصاعدي النفسي).
رابعاً: البنية الخيالية: إنّ الأسطورة ترتبط بالرمز الذي هو المادة الأساسيَّة فيها، فقد واكبت أيضا مسيرة الإنسان في ماضيه وحاضره ومستقبله فهذه الأساطير ليست نتاجاً لملكة الخرافة كما يقول (شتراوس).
انطلاقاً من ثالوث الصور الشعرية الرمز والأسطورة، تناول الانسجام بين المستويين الدلالي والنفسي للصورة الشعرية في شعر الربيعي وكذلك الانسجام أو التنافر بين صور القصيدة الواحدة وفي ما يتعلق بالرمز سندرسه من زاويتين هما: (الرمز اللغوي) و(الرمز التاريخي) التي يخضع توظيفها، لقوانين الاجترار والامتصاص والحوار.
خامساً: الاتجاه التفسيري: يركز على المجال الثقافي وتأثيراته في خلفيات الاتجاه التفسيري على اكتشاف تلك المجالات الثقافيَّة التي يمكن اعتبارها خلفية من خلفيات النص عند الربيعي وعموما فهي تنحصر بأربعة صور: الذاكرة الشعرية (العربية والأجنبية) القديمة والحديثة وثانيها (الأحداث التاريخيَّة) القديمة والحديثة وثالثها الفكر الإنساني قديماً وحديثاً، وأخيراً (الكلام اليومي).
لذا يمكن دراسة الخطاب الشعري عند الربيعي من مستويات عديدة، الصوتي، التركيبي، الصرفي، الدلالي، معجمي، بلاغي.
وصدر الكتاب عن دار كنوز المعرفة في الأردن عام 2013 في 126 صفحة وهو دراسة مهمة لا غنى عنها لفهم عالم الربيعي الشعري.