بغداد بين الكاري والمترو

آراء 2020/10/30
...

 د. صادق كاظم 
 

في عام 1870 قام والي بغداد وقتها مدحت باشا بتأسيس اول مشروع كبير للنقل اطلق عليه (ترامواي بغداد)، كان المشروع رغم بدائيته ومحدوديته منجزا، لكن هذا المشروع بقيَ يتيما ووحيدا حتى الان، إذ لم تعرف العاصمة بغداد بعدها وخصوصا في العهود الملكية والجمهورية المتعاقبة اية قطارات او مشاريع حديثة ومتطورة للنقل باستثناء طرقات سريعة.

مترو بغداد ظل وما زال حلما بعيد المنال بعد ان اجهزت الحروب ومافيات الفساد عليه، رغم ان مشروعا عملاقا كهذا كان سيدخل العاصمة في قائمة المدن الاكثر تطورا وتقدما في المنطقة.يراوح ملف الخدمات والنقل في مكانه منذ عام 2003 رغم الميزانيات الانفجارية التي عرفتها البلاد خلال السنوات السابقة والتي كان بالامكان ان تلتقط مشروعا ستراتيجيا مهما كمترو الانفاق من سراديب وأقبية الانتظار لتنطلق به نحو فضاءات التنفيذ والى ارض الواقع قبل ان تعيقه او توقف من تقدمه ارادات ورغبات واحداث امنية وسياسية جسام مرت بها البلاد أدارت بوصلة الاحداث باتجاه بعيد عن مشاريع عمرانية وخدمية طموحة كانت ستغير من تاريخ العاصمة بغداد كثيرا.لم تعرف العاصمة بغداد رغم كون العراق بلدا بتروليا غنيا اية مشاريع تطويرية حقيقية تجعلها في مصاف عواصم الدول المهمة في المنطقة الجميلة بناطحات السحاب والمتنزهات العملاقة والمجمعات السكنية بتصاميمها الهندسية الحديثة وبخدمات البنى التحتية الفائقة، فضلا عن الجسور والطرقات الحديثة والانيقة بعد ان كان حكام الخليج في سبعينيات القرن الماضي يتمنون ان تكون لهم مدينة ساحرة مثل بغداد. كل ذلك لم يتحقق في مدينة تكتظ بسكانها وبأحياء جديدة تظهر بين حين وآخر من دون خدمات، فضلا عن وجود ثلاثة ملايين سيارة.أدار القائمون على ملف الإعمار ظهورهم لبغداد وانفقوا اموالا ضخمة على مشاريع اقل شأنا كالجزرات الوسطية والمجسرات والارصفة كانت تكفي لاقامة اكثر من مشروع لقطار الانفاق او المعلق ينقل نصف سكان العاصمة الى أعمالهم صباح كل يوم في غضون دقائق معدودة ويريحهم من عناء الازدحامات الخانقة التي يعانون منها.القطار المعلق او مترو الانفاق مشاريع يتمناها سكان العاصمة ويحلمون بأن تتحقق ذات يوم وهي بحاجة فقط الى قرار سياسي شجاع يتحدى كل العقبات والصعوبات مثلما فعل مدحت باشا قبل 150 عاما.