آخر العقلاء... آخر العشّاق

ثقافة 2020/11/01
...

   جبّار الكواز 
 
آخر العقلاء بعود ثقابٍ 
ادّخرهُ من أسلافِه الجوف ونكايةً 
بأخوته بدأ يرقص وهو يشاهد حرائقَ 
روحه بيتا لـ (قابيل) و(هابيل) 
صفن وهو يرى زقورةٌ أساهُ تحطمها 
يدٌ من وراء الزمان 
فلم يزر (أور) سابقا وما جال في (سومر) ما مرّ بـ (بابل) 
وما احتضَن (أكدَ) يوما وما تسامر مع (آشور) في صبواتها 
التي سرقها الهيكل آخر العشاق..
خانتهُ ربابتُه وهو يبلّ أوتارَها بدماه فـ (ليلى) في العراق 
مريضةٌ وأسلافه الغرُّ فقؤوا عيون المها 
والجسر هدمه الانكشاريون أيتموا (الرصافةَ) بسيوفهم 
ولكنهُ أبى إلا أن يرسم جسرا جديدا لعيني حبيبته 
فقد بتروا أطراف (الكرخ) ليلة تاسوعاء (الطف)
 آخر العقلاء.   
بجولاته الوهمية رسم 
أحلامه في مدينته المدوّرة 
وفي (مربد) يئنُّ في (كوفة) حمراءَ 
صارت أكثر حمرة بدم الشهداء 
وفي تحايا مقاتلين يسرّون من رآهم فوق الجسر ِ 
هو آخر العقلاء ظلّ متباهيا بالكتب 
الذهبية التي عن أبيه ورثها 
وما قرأها يوما وظل كعادته يفلسف للفقراء ماهية 
وجوده فوق كرسيٍّ أعرجَ وكيف كانت (سقيفة بني ساعدة)
 نهجا لمن ضلوا في تلبيس أسمائهم 
سعيا لبراءة (ابليس) من غوايته آخر العشاق
 ما زال مصرّا على هواه.. هواهُ الذي اصطادته 
شبكة المراسلين الخونة 
وباعوه في سوق النخاسة ما زال مختلسا 
قبلةَ نورسته في فجر الدم ما زال يقنص قنابلَ الدخان 
بقصائده وبأغانيه ما زال يحمل صورة (ليلى) إلى شارع الاطباء 
ليوجزوا له أطياف أمراضها المزمنة 
ويومَ التقى آخر العقلاء بآخر العشاق. 
وجما وطفرت دموع العراق من عيونهما 
لم تكن بينهما إلّا أرضُ حرام 
ونيران تأكلُ نيرانا ونهر ظامئ بالخوف 
يلوذ بالآبار طمعا بالبقاء وشهداءُ استيقظوا في فجرهم هاتفين
(حيّ على العراق)
آخر العقلاء وآخر العشاق ما زالا مشتبكين في درس 
التاريخ ومعضلة الجغرافيا.