صاحب السعادة المواطن

آراء 2020/11/01
...

 حسين الذكر
كل دساتير العالم وقبلها ثوراته بل وحتى نبوءاته الوحيية او الفلسفية صبت باتجاه البحث عن اكثر الأنظمة واقعية ممكنة التنفيذ لخدمة الانسان .. بمعنى تقليص الصلاحيات المطلقة للحكام وموظفيهم الى ادنى حد ممكن بالصورة التي تجعل هناك توافقاً عالياً منسجماً ومقبولاً ما بين السلطة والشعب .. ذاك لم يأت اعتباطاً ولم يكن وليد اللحظة، 
فمنذ الازل ظهر بطش الانسان وطغيانه حتى اشتغل الوعي ودفق التضحيات اذ وقف طابور شهدائها على المقاصل من اجل تحقيق الهدف الاسمى المتمثل – بالعدالة الاجتماعية - التي هي ليست فكرة طوباوية منبثقة من رحم جمهورية افلاطون بقدر ما تمثله من انسجام وتوزيع مقبول للثروات والخدمات والمناصب، تكون الكفاءة والإخلاص الوطني المسؤول حدها الادنى ومعيارها الأكبر..
في المحصلة النهائية ونتيجة للجهود والتضحيات والعمل الدؤوب المستمر من بزغ الحضارة التي نتشرف بان تكون بلاد النهرين مصدر اشعاعها .. اصبح المواطن مصان محترم في الدول المتطورة له حقوق وعليه واجبات وفقا لقاعدة (العقد الاجتماعي) مع بعض تغيراتها الجان جوك روسية حسب بيئة وواقع كل بلد .. لكن الجوهر واحد متمثل بتوفير الحد الأدنى من الخدمات والامن والاستقرار والسكن والغذاء وحرية ما قادرة على إحساس الانسان بانسانيته واطلاق عنان تفكيره نحو السماء التي ما زالت تمجد (المتفكرين بشأن السماوات والأرض) لعلة خدمة الخلق والارتقاء بشأنه بعد معرفة جلال الخالق. 
خارطة الدول المتحضرة وهي عديدة ومنها قريبة الجوار العربي، يكون فيها المواطن محترما مقيدا بقوانين ويكفل الدستور حقوقه في سكنه وامنه الغذائي والصحي والتعبيري وكذا قواعد العمل والسير والمراجعة للدوائر التي يكون فيها المواطن مصانا تنجز معاملاته باحترام وامن تام ... لا تسلم رقبته الى موظف مرتش بلا ضمير ولا مخافة الله وتحت سلطان ظالم وادعاءات اظلم .. 
فواحدة من اتعس المظالم التي يمر بها المواطن تتمثل بمواجع مراجعة الدوائر، اذ لم تعد هناك دائرة واحدة يفلت فيها المراجع من الابتزاز والدوران والتعطيل والتأجيل تحت رحمة من لا رحمة ولا دين لهم ... وهم يتلاعبون بمقدراته دون ادنى شعور بمسؤولياتهم باعتبارهم موظفين لدى الطبقة المنتخبة وممثلين عنها وجدوا لخدمة المواطن من خلال بصمته البنفسجية وعلى المسؤولين المنتخبين تخليص المجتمع من هذه الآفات، فالموظف خادم للشعب، وليس طاغية في مملكة المسؤول.