السينما والاقتصاد.. فضائياً!

آراء 2020/11/01
...

 عبدالزهرة الهنداوي
قد يبدو العنوان غريبا الى حد ما من جهة غياب المعادل الموضوعي او الرابط المنطقي بين اركان العنوان نفسه، فما علاقة الاقتصاد بالسينما وما ربط الاثنين بالفضاء؟.
بالتأكيد ان القصة ليس كذلك، فثمة خيط متين بين ماذكرت، والحديث هنا يدور حول غياب الاهتمام الاعلامي، والفضائيات على وجه التحديد، بمحوري الاقتصاد والسينما، على الرغم من العدد الكبير لتلك الفضائيات وضخامة ساعات البث..
ففي ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، مازالت القنوات الفضائية تتعامل بعدم اهتمام بهذا المحور المهم، الذي يمثل الاساس المتين للحياة، ولكننا لا نجد ذلك الاهتمام الاعلامي الذي يتناسب وهذه الأهمية، وقطعا انني عندما اتحدث بهذا المعنى، فان الإنصاف يتطلب الإشارة، إلى وجود برامج اقتصادية في عدد من الفضائيات، ولكن مساحتها لا تمثل شيئا يذكر ازاء المساحة التي تشغلها البرامج السياسية، ذات الصخب العالي، والتي تسبب الكثير منها في احداث شروخ اجتماعية خطيرة.
 وهذا يتطلب وجود إعلاميين متخصصين، قادرين على ادارة وتقديم هكذا برامج متخصصة، تسهم في نهاية المطاف بتغيير مسارات التفكير الجمعي للناس ازاء القضايا الاقتصادية، بعيدا عن التأثيرات السياسية، ومثل هذه البرامج، تتطلب إعدادا مختلفا، يحمل من التشويق والإقناع ما يجعلها قادرة على احداث التغيير الذي نتحدث عنه، واعتقد أن قضية مهمة مثل هذه، تتطلب مشاركة فاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص، على اعتبار ان المساحة الفضائية الأوسع مملوكة للقطاع الخاص، فبإمكان الحكومة تمويل انتاج برامج اقتصادية هادفة يجري بثها عبر مختلف الفضائيات، والحكومة هنا اعني بها مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية، شريطة الا تكون هذه البرامج دعائية، وبالتالي تواجه نفورا من قبل المشاهدين، وهنا تصبح عبئا على الاقتصاد، وليست داعما له.
والحديث عن غياب السينما في الاعلام الفضائي، لا يختلف كثيرا عن الغياب الاقتصادي، بل هو اسوأ منه، فإذا كانت للاقتصاد بواكٍ هنا وهناك، فالسينما لا بواكي لها!، وقد يكون غياب صناعة السينما عندنا سببا مباشرا لعدم الاهتمام هذا، ولكن السينما هي صناعة عالمية، كما الاقتصاد يمثل حصانا عالميا، فإن الأمر يستدعي الاهتمام بهذه الصناعة، وخلق ثقافة سينمائية، لما لهذه الصناعة من اثر كبير في بلورة الثقافة وتوسيع مدارك المجتمع الفكرية، ولكن أيضا نريدها برامج على مستوى كبير من الاتقان والحرفية، وتتناسب مع المستوى والتأثير الكبير الذي بلغته السينما العالمية، يأتي ذلك كله في ظل التوجهات العالمية للتنمية المستدامة، ومنها الهدف الـ (17) الذي يؤكد عقد الشركات لتحقيق تلك الأهداف.ـ