ضوء على مسرح الوقائع القضائية

آراء 2020/11/02
...

    محمد خضير سلطان
ربما يمكننا تحديد وإدراك على وجه العموم مواقع الجهات والشخصيات، التي تقف على مسرح الوقائع القضائية في بلادنا، ها هنا يقف هذا الطرف المدعي مهيأً دفاعاته ومؤيديه أمام الطرف الآخر، المدعى عليه مقدماً دوافعه وتظلماته، لنتبين في ما بعد الإطار الذي يحكم قضية ما في ظل المحاكم المترامية في آفاق الفقه القانوني، حتى يسعى القضاء في وقت دقيق ومحسوب الى إعلان موقفه القضائي، ليكون الحد الفاصل بين المتخاصمين والفيصل في الاحتكام الى غلق الملف وحسم القضايا، وسرعان ما يخبو ضوء هنا ويكشف عن غموض هناك في الوقت الذي تأتلق أضواء جديدة كاشفة عن شرعة المستقبل القريب مثل أمل مرتجى.
ولكن ثمة مفارقة تحدث أحيانا، أن الواقع الحقيقي بكل معطياته ودقائقه، يجري كما هو سادراً بافتراض حسم القضية حتى ولو بعد حين من الدهر، أي أن موقع القضاء، يقوم بموازاة  الواقع لتستمر المرافعة القضائية مثلما يتدفق الواقع غير آبه بمجريات القانون بالطريقة نفسها التي يصدر فيها القانون غير آبه بالواقع.
لنترك هذه المقدمة، ونحدد الجهات والشخصيات المذكورة مباشرة، ومواقعها على مسرح الوقائع القضائية، بين لجنة متابعة تنفيذ البرنامج الحكومي والتخطيط الستراتيجي النيابية وبين المتخاصمين في مجلس النواب شركات الهواتف النقالة وهيأة الاتصالات، إذ اقام النائب محمد شياع السوداني دعواه الشهيرة ليطالب القضاء بحسم قضية الهدر وسرقة المال الذي تسببه هذه الشركات والمخالفة الدستورية والقانونية، التي ترتكبها في وقت نحن في اشد الحاجة الى تجنب هذا الهدر، وتحقيق العدالة في السرقات التي تحرم خزينة الدولة من استحقاق المواطنين، فضلا عن الخدمات السيئة كما في دعوى النائب المقدمة من قبل هذه الشركات، ليكسب السوداني في الأخير، دعواه من خلال إصدار أمر ولائي يعمل على تجميد أو وقف تجديد رخصة الشركات، لحين حسم القضية في قبال تجديد الحكومة ما تبقى من المدد الزمنية واستمرار الوضع كما هو عليه. 
والآن فالمسرح مضاء من جهة طرف ما لينطفئ تدريجيا في مكان آخر، وما يلبث الضوء ان يكشف عن طرف آخر ليخبو في الأول، هل بلغنا حداً كما يرى بعض الخبراء بأن وقائعنا العامة أكبر من أن تصاغ في امكانية تطبيق قانون معين، بمعنى إن الجريمة أعلى من القانون الى الدرجة التي يعجز الواقع عن تسيير التشريعات أو يجعل منها شرعة أمل للمستقبل سواء كان قريبا أو متوسط البعد.
وهذا ما حدث من رد للحكومة في هذا الشأن إذ تضمن المحور الثالث من ورقة الاصلاح البيضاء ذات المطالب المرفوعة من قبل النائب السوداني، فالورقة البيضاء تؤكد تحول البلاد نحو الاقتصاد الرقمي وبناء البنى الاساسية الرقمية عبر ادخال تكنولوجيا الجيل الرابع ويزيد على مطالب شياع السوداني بالتحضير للجيل الخامس، وإذا كان النائب قد طالب بمنح الرخصة الرابعة، فإن الحكومة تضيف الى استكمال الاجراءات الخاصة بها وفقا لأفضل المعايير الدولية.