مكافأة المتقاعد

آراء 2020/11/03
...

  نجاح العلي

 
 
ما أن يحال الموظف في بلدنا على التقاعد، حتى يتجهم وجهه وتنتابه حالة من الغضب والكمد، ليس لفقدان زملاء العمل والروتين اليومي الذي اعتاد عليه على مدى عشرات السنين قضاها في عمله الوظيفي اليومي، بل بسبب الفترة الزمنية الطويلة التي تمتد شهورا واحيانا اعواما يقضيها جيئة وذهابا بين وزارته او مؤسسته، التي يعمل ضمن ملاكها الوظيفي وبين دائرة التقاعد التي تقوم بمراجعة وتدقيق خلاصة الخدمة الوظيفية للموظف وتطالبه بتقديم مستمسكات وأوراق ثبوتية قد لا تكون بحوزته، لأسباب عدة، منها لقدمها ومرور عقود على اصدارها، او لم تزوده المؤسسة او الدائرة، التي يعمل بها بنسخ منها لغرض حفظها مثل الوثيقة الدراسية، التي تعين بها وصحة صدورها وأمر التعيين وأمر التثبيت وكلها وثائق ترتبط في الخطوات الاولى بمسيرة الموظف
المهنية.
هناك واقع مرير يعاني منه المحالون على التقاعد وبروز طبقة من المنتفعين والسماسرة وما يسمون انفسهم المعقبين، الذين يشترط بعضهم اقتسام مكافأة نهاية الخدمة مع المتقاعد، لتسهيل اجراءات حصوله على راتبه التقاعدي البسيط الذي أفنى سني عمره وزهرة شبابه من اجل الحصول 
عليه.
امام هذه الظاهرة السلبية برزت الحاجة الى إلزام جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات والدوائر غير المرتبطة بوزارة باستحداث ضمن هيكلها التنظيمي تشكيل اداري، مهمته تسهيل اجراءات حصول الموظف على هوية التقاعد، وان يكون هذا التشكيل وحدة او شعبة او قسما، حسب حجم الملاك الوظيفي لهذه المؤسسات، التي تتباين في ما بينها في عدد ملاكاتها
الوظيفية، التي يقتصر على بضع مئات من الموظفين في بعض الهيئات أو مئات آلاف الموظفين كما في وزارتي الصحة والتربية على سبيل المثال 
لا الحصر.
هذا الامر سيسرع من انجاز معاملات المتقاعدين ويحفظ ماء وجههم ويجنبهم الوقوف ساعات طوال اثناء التنقل من شباك لآخر في دائرة التقاعد العامة، وإنَّ هذا التشكيل الاداري المستحدث لاتترتب عليه اي جنبة مالية في ظل الازمة المالية الخانقة، التي تعصف بالبلاد وهذا الامر من المفترض القيام به بوقت مبكر والذي تأخر كثيرا، ولا بد من الاسراع في تنفيذه خلال فتره قريبة، لتغيير الصورة النمطية السلبية المأخوذة عن الاجراءات البيروقراطية والروتين القاتل في مسيرة الاحالة على التقاعد، التي سنمر بها جميعنا عاجلا ام اجلا وخلق حالة من التفاؤل وعدم اليأس والقنوط والخوف والقلق وحرق الاعصاب عند الاقتراب 
من سن التقاعد، والوصول الى ارذل العمر، كي تصبح سرعة انجاز المعاملة التقاعدية مكافأة ثانية تضاف الى مكافأة نهاية الخدمة، تقديرا لهذه الشريحة المهمة والمؤثرة في مجتمعنا، التي لا تكاد تخلو أسرة عراقية من وجود متقاعد بين افرادها يسهم في تنشئتها وتوجيهها واعالتها، اذن الا تستحق هذه الشريحة الى الدعم والمساندة؟، الاجابة متروكة 
لكم.