د . صادق كاظم
لم يقصر العراق يوما في واجبه في الدفاع عن فلسطين وقضيتها، فهو قد ارسل جيشه خلال حرب العام 1948 وبذل جهدا كبيرا في الحفاظ على مدن جنين وطول كرم وحماية القدس من السقوط بيد العصابات الصهيونية والفلسطينيون يتذكرون باعتزاز دور الجيش العراقي في تلك الحرب وما بعدها من حروب والتي لم تأت نتائجها للاسف ولاسباب عديدة لصالح العرب وقضية فلسطين .
انخراط مصر في عملية الصلح مع الصهاينة بعد زيارة السادات الشهيرة الى القدس عام 1977 كانت اعلانا بنهاية الصراع المسلح واعترافا مؤسفا ومؤلما بالكيان الصهيوني وقبولا بوضع سيطرة الصهاينة على ارض فلسطين وتشريد شعبها وبداية لما يعرف بمسيرة السلام في المنطقة التي رعتها واشنطن لاقناع الدول العربية وخصوصا المواجهة للكيان الصهيوني بالدخول في مفاوضات مباشرة ضمن مبادرة الارض مقابل السلام التي كان الطرف العربي الخاسر الاكبر فيها .
التسريبات الاعلامية بخصوص دعوة العراق للانضمام الى مسيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني، رغم كونها مجرد تكهنات وتخمينات، خصوصا بعد انضمام الامارات والبحرين والسودان الى ما يعرف بالتطبيع الا انها تمثل في الواقع جسا للنبض واختبارا نفسيا لمعرفة رد الفعل الرسمي والشعبي العراقي تجاه التطبيع، اذ يأتي الموقف الرسمي والشعبي العراقي مغايرا لموقف بعض الدول العربية التي ادارت ظهرها للقضية الفلسطينية وشعبها، من خلال التمسك بحق الشعب العربي الفلسطيني في اقامته دولته وعاصمتها القدس وضمن اتفاق سلام عادل يكفل عودة اللاجئين الفلسطينيين، ومساند للحكومة الفلسطينية في موقفها التفاوضي وعدم الانجرار وراء الضغوطات التي تدعو الى التصالح مع الصهاينة على حساب الحق الفلسطيني، اذ ان اي عملية سلام او تطبيع من دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه ستعني تفريطا بالقضية الفلسطينية وخيانة لها وللتضحيات العظيمة التي قدمها هذا الشعب وكذلك البلدان العربية في مواجهة العدوان الصهيوني .
بالتأكيد العراقيون لا يرحبون باي سلام او عقد صفقات تكون على حساب الحق الفلسطيني وتخدم الكيان الصهيوني وتشجعه على مواصلة عدوانه وسياساته المتعنتة الرافضة لمنح الفلسطينيين حقوقهم رغم اتفاقيات اوسلو وغيرها منذ تسعينيات القرن الماضي التي اكدت بان تلك المعاهدات كانت ولا تزال مجرد اوهام، خصوصا وان الكثير من البلدان العربية التي اعترفت بالكيان وسمحت باقامة علاقات دبلوماسية معه لا تزال شعوبها ترفض تلك العلاقات ولا ترحب بوجود الصهاينة في شوارع وازقة مدنها .