العلم والثقافة وشبح «كورونا»

آراء 2020/11/07
...

 ريسان الخزعلي
 
 
من اللافت حقّاً، أن يتراجع العِلم عن مواجهة جائحة “كورونا”، ومثل هذا التراجع في ظل التطورات العلمية الكبرى يُثير الأسئلة الحادّة العصيّة على الإجابة ، اذ ان الرأسمالية في عمق فكرها تفكّر بالإنسان كأية سلعة يراد منها تحقيق الربح المادّي قبل الاهتمام بما يجعل حياته أنقى وأرقى وأبقى ، وهكذا انحرفت البحوث خارج محددات الحفاظ على الحياة في جانبها الصحّي ، وتكرّس َعمل شركات صناعة الأدوية على انتاج كماليات التجميل المتنوعة لما لها من رواج كبير، وحينما حصلت المواجهة مع كورونا لاحظنا شح مستلزمات الوقاية، ما ساعد في الانتشار السريع لهذه
 الجائحة .
إنّ المثقف كفرد من المجتمع، وقف متحسراً على ما أصاب الجنس البشري من فقدان وتراجِع في ممكنات العيش بعد توقّف العمل اليومي وانحسار الموارد المالية . وهكذا وجدت الثقافة نفسها في حصار بعدما حصل منع التجوال، وضرورة الالتزام بالتعليمات الصحية بما في ذلك البقاء في المنازل والابتعاد الاجتماعي، بمعنى  أن  مساحة الثقافة قد تقلّصت بعد أن كانت هذه المساحة تمتد إلى الشارع والمكتبات والندوات والمطابع والمهرجانات الأدبية والثقافية والمسارح والمحاضرات والمنتديات واللقاءات  ...الخ . وانشغل الجهد الإبداعي في موضوع كورونا وتداعياتها، حتى بدا التشابه في هذا المنجز الإبداعي واضحاً على مستوى العالم، وأصبحت الرؤية لا تقوى على الاكتشاف إلّا بحدود ضيّقة، ما يعني أنَّ الإشعاع الفكري والثقافي والأدبي قد انعكس في بؤرة واحدة لا يتمكن من الانتشار خارجها،  كما أنَّ الفقدان قد طال أعدادا مهمة من المفكرين والمثقفين والأدباء والفنانين والأطباء والرياضيين وغيرهم من الطاقات الإبداعية، ما جعل الثقافة في موقف الراثي المتوجّع
 لا غيره .
إنَّ الإنسان بصورة عامة يجعل من الأحلام والآمال دالّته  في الحياة ويراهن على المستقبل، المستقبل الذي يتحقق فيه  الانتصار على كل أعداء الحياة، ومن بينهم شبح “كورونا”.