الخوف من مشروع بايدن

آراء 2020/11/09
...

 د. فاضل البدراني 
ثمة من يرى ان التحليل السياسي عندما يتعامل بالطرح مع المعطيات الحقيقية، فانه ينتج رأيا عميقا يجنبه من الرأي العاطفي والسطحي الذي غالبا ما يقع في وطأته المتحزبون والمحسوبون على السياسيين لكنهم طارئون، وقراءة الاحداث بدقة وبصيرة ثاقبة توفر للكاتب تفسيرا منصفا وعميقا للاحداث، وبالتالي توفر للقراء فرصة فهم مجريات الاحداث واستشراف المستقبل بعقلية عميقة.
ومع انشغال العالم بالانتخابات الأميركية خلال الشهرين الماضيين وصولا للأسبوع الأخير منها، بدأت التكهنات حول من سيكون رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، وانشغلت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بجعجعة الدعاية والضخ الإعلامي المتسارع على مدى ساعات الليل والنهار، وسط حملة دعائية نشيطة للرئيس ترامب تفوق كثيرا حملة منافسه الديمقراطي جو بايدن الذي كان يفتقر للاسلوب الحماسي في خطاباته لجمهوره. 
لكني تعمقت بالرؤية السياسية مبنية على معطيات تشكل منظومة من المتغيرات التي جعلتني أرى بأن بايدن هو الرئيس القادم للولايات المتحدة ووثقت ذلك بحسابي على تويتر بتغريدة قبل الانتخابات بأيام قليلة وجاءت بالنص الآتي " برغم كل المبررات لفوز ترامب برئاسة اميركا، أرى أن بايدن الأقرب لها، ذلك يعني أن العراق أمام خارطة جديدة وواقع جديد، وإن عاد ترامب فالعراق باق على وقع الجعجعة والحرب
 الباردة ".
وإذ نشاهد حقيقة الفوز لبايدن فما الذي جعلني لا اتردد بإعلان فوز بايدن قبل بدء الانتخابات بأيام، بطبيعة الحال هذا الرأي استند الى جملة حقائق ماثلة للعيان تجعل كل مراقب يجمع بين الثوابت والمتغيرات في السياسة الأميركية مع قراءة توجهات الشارع الأميركي وسياسة الرئيس السابق ترامب يصل لنتائج تعكس مستوى عمق دراسة المعادلة السياسية في الولايات المتحدة وتأثيرها في أداء الانتخابات ونتائجها، وقراءتي التحليلية اعتمدت الثوابت في السياسة الأميركية.
 وكذلك المتغيرات بغض النظر عن الرئيس إن كان جمهوريا أو ديمقراطيا، وعليه فإٔن المعطيات تشير الى رغبة واشنطن بتجزئة كثير من البلدان بالشرق الأوسط ومنها العراق على نظام الفيدرالية والاقاليم، الى جانب سلبية سلوك ترامب كرئيس في البيت الأبيض وتجاوزاته وعنصريته واستهانته بالأقليات والأديان وأصحاب البشرة السوداء ومواجهة المهاجرين بشتى الطرق التعسفية التي لا تقيم للإنسانية
 اعتبارا.
إٔن طريقة الديمقراطيين بالحكم هي قضم الدول وشعوبها وتشظيها وافقارها بطرق شتى مخفية، والمقابل إبراز شعار حقوق الانسان وإشاعة أسس الديمقراطية والعدل بين جميع الناس من كل الأجناس، والمرحلة المقبلة تتطلب وجود الديمقراطيين الذين يجيدون ثقافة التهدئة والعمل بمنهجية الذكي والماكر في تمزيق الدول وابتكار الوكلاء وأمراء الطوائف السياسية، فمن أتى بعصابات داعش نهاية 2013 ؟ ومن أتى بثورات الخريف العربي وأسهم بتأجيج الوضع في سوريا واليمن ولبنان والعراق وليبيا. 
كل هذه المتغيرات الفاعلة عمليا هي نتاج سياسات الحزب الديمقراطي، بينما اتباع الحزب الجمهوري فانهم يمارسون هدفا منفردا في غالب الأحيان، ويذهبون لخيارات الحرب والعقوبات بمنهجية مكشوفة، لكن العالم تبدلت مفاهيم السياسة فيه، لذلك خوفي على بلادي من أن تمزقها فيدرالية بايدن وعلى بلدان المنطقة منها عربية وأخريات إقليمية والحبل عالجرار، وبايدن لا يستخدم الجعجعة والحرب الباردة، بل هو أمام مهمة إيجاد خارطة جديدة لبلدان الشرق الأوسط ومنها العراق، فلا أحد ينسى مشروع بايدن لوضع العراق في الخارطة الفيدرالية.