فلسفة المعنى في كتابات لواء الفواز

ثقافة 2020/11/11
...

 كربلاء: صلاح حسن السيلاوي 
 
القى الناقد الدكتور علي حسين يوسف محاضرة عن كتاب فلسفة المعنى للناقد الراحل لواء الفواز على قاعة اتحاد ادباء كربلاء في امسية حضرها جمهور الادب والثقافة في المدينة. ابتدأ يوسف محاضرته بالحديثعنفلسفة النقد المعاصرة وشويعها الذي جعل مسألة المعنى ميدانا رحبا للفلاسفة والنقاد على حد سواء إذ تبارى فيها الطرفان وما زالوا إلى هذا اليوم.
كلٌّ يتناولها من وجهته، ثم تكلم عن كتاب الناقد الراحل لواء الفواز (فلسفة المعنى في النقد العربي المشرقي المعاصر من 1945 الى 1990) قائلا: المعنى بالنسبة للمؤلف هدف معرفي للنشاط العقلي عند الإنسان وغاية وجودية يحقق بها بعده الروحي عن طريق اللغة بمعناها السيميائي الواسع. 
لذلك كان الكتاب محاولة تكميلية لرحلة تحليل المعنى في الخطاب العربي المعاصر، ناضرا في أصوله ومكوناته وعلله، وبناءً على ما تقدم ارتأى المؤلف أن يكون كتابه على ثلاثة
 فصول.
تناول الفصل الأول الأصول الفلسفية لمسألة المعنى بدءا من نظرية المحاكاة الافلاطونية مرورا بفلسفة تلميذه النجيب أرسطو وانتهاءً بنظرية الالتزام والحرية، التي كانت أساس الفلسفة الوجودية ومن هذه الأفكار استمد النقد المعاصر تصوراته في قضية المعنى.
إن نظرية المحاكاة ومعها مقولات (الصورة والمادة والجوهر والعرض) الاسمية كان لها الأثر البالغ في الفلسفة اليونانية ومن ثم في الفلسفة العربية بما فيها النقد الأدبي العربي
 القديم.
لقد اتضح أثر هذه النظرية عند المتكلمين بصورة جلية في ما سمي عندهم بنظرية الكلام النفسي حين احتدم الجدال حول قضية قدم القرآن وحدوثه الأمر الذي تطور فيما بعد إلى تبلور نظرية عربية خاصة في المعنى كان للنقاد الباع الطويلة في تحريك الخوض بها وتفعيله
 زمنا.
وقال المحاضر أيضا: وإذا ما انتقلنا إلى الأصول الفلسفية للمعنى في الفكر الأوروبي الحديث يصادفنا عمانؤيل كانت بفلسفته النقدية المترامية الأطراف وفردريك هيجل بفلسفته المثالية الموضوعية والموسوعية وقد كان لهذين الرجلين أثر واضح على كولردج وكروتشة اللذين طورا فلسفة المعنى وأخرجاها من أطرها التقليدية إلى عوالم أرحب.
وتناول الفصل الثاني من الكتاب وسائل أداء المعنى من الناحية الفلسفية ويقصد المؤلف بالوسائل ألوان التعبير ومكوناته كما درسها النقاد العرب المعاصرون لذلك وقف المؤلف عند الكلمة ودلالاتها الصوتية والاجتماعية والايحائية والهامشية ثم انتقل الى استعراض الصورة الفنية وعلاقتها بأداء المعنى. 
وختم الفصل المذكور بمبحث خاص تناول فيه المؤلف الرموز والأساطير ودورها في أداء
 المعنى .
أما الفصل الثالث فقد كان من أطول فصول الكتاب اذ رأى فيه المؤلف أنه أهم الفصول فقد خصص لدراسة ضروب المعنى الأدبي حيث قدم له بمقدمة قصيرة لتبرير انقسام المعنى، فضلا على طبيعة المعنى في الأدب وأهميته في تشكيل أدوات المؤلف وتأويلات المتلقي أو الناقد، ويرى المؤلف إن مكونات المعنى تتفاعل، فيما بينها لتنتج الايحاء والحساسية القرائية
 المطلوبتين.
وضروب المعنى عند المؤلف تتوزع بين: المعنى المقصود والمعنى المتعدد والمعنى الغامض والمعنى المتداخل أو
 المشترك.
والمراد بالمعنى المقصود هو المعنى الأدبي الذي يتوخاه المؤلف ويودعه نصه ولذلك يمكن أن نطلق عليه معنى المؤلف.
أما المعنى المتعدد فيأتي نتيجة لقوة الايحاء في النص ولقدرة القارئ في التقاط مواضع الحساسية حيث تصبح وفرة المضامين والدلالات أحد أهم الغايات التي يتوخاها النقد
 الأدبي.
أما المعنى الغامض فالمقصود منه المعنى الذي يشي بعدم النضج الأدبي أو الذي تستدعيه ظروف خاصة كالخوف من الرقيب مثلا أو الميل إلى الترميز كما نجد ذلك عند الرمزيين والسورياليين.
أما المعنى المتداخل فيراد منه ما يعرف في الدرس النقدي الحديث بالتناص الذي أرجعه المؤلف إلى نظرية المحاكاة، فهو عنده يعني محاكاة الأعمال الفنية المشهورة حتى تطور الحال إلى ما يسمى بالحوارية أو البينصية .
وقد عرض المؤلف في هذا المبحث لقضية التقاليد التي توهب الفنان الإحساس التاريخي بالمعنى كما أشار لها ت س أليوت.
امتاز كتاب الفواز بسمات عدة منها: التكثيف في عرض الأفكار والاكتفاء بالمشهور منها، والعناية بالمؤثرات الفلسفية والفكرية للمناهج النقدية المعاصرة، والإفادة من التطبيقات النقدية التي مارسها النقاد على الأعمال الأدبية، والتحديد المكاني والزماني لموضوعه نظرا لتشعب
 المسألة.
جدير بالذكر أن الناقد لواء الفواز من مواليد كربلاء 1961 وهو استاذ جامعي، قتل عن طريق الخطأ بعد نهاية الدوام الرسمي ظهر يوم الاثنين 11/3/2003 الموافق 9 رمضان عند باب جامعة كربلاء. عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين. حاصل على الجائزة الأولى في المسابقة النقدية التي نظمتها مجلة صدى الإماراتية عام
 2001.