{مهرجان الواسطي} يتحدى {كورونا} ويقامُ واقعياً

ثقافة 2020/11/11
...

وصال مصطفى
حددت دائرة الفنون العامة، الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني الحالي، موعداً لانطلاق "مهرجان الواسطي الثالث عشر للفن التشكيلي" السنوي، ودعت الفنانين للمشاركة في هذا الكرنفال العراقي الكبير. وسبق أنْ احتضنت دائرة الفنون العامة خلال السنوات الماضية، دورات عدة من هذا المهرجان الكبير كان آخرها الدورة الـ12 منه والتي كانت من أبرز الدورات. 
وأكد وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور حسن ناظم سعي الوزارة الى أنْ يكون مهرجان الواسطي بدورته الـ13 علامة فارقة في الفن العراقي.
وخلال اجتماعه مع لجنة اختيار الأعمال الفنية لمهرجان الواسطي في وقت سابق من هذا الاسبوع، قال الوزير إنه منذ الأيام الأولى لتسلمه الوزارة سعى بجهودٍ حثيثةٍ مع عددٍ من المختصين لتغيير الواقع الفني العراقي.
وأضاف أن "الواقع الفني في العراق متراجع منذ سنواتٍ؛ بسبب دخول أشباه المثقفين وأشباه الفنانين، ونحن نحتاج اليوم إلى أن نصل إلى الريادة بالفن العراقي بالمنطقة".
 
سيقام واقعياً
من جانبه قال المدير العام لدائرة الفنون العامة الدكتور علي عويد العبادي: إنَّ "دائرة الفنون العامة ستنظم مهرجان الواسطي للفن التشكيلي في دورته الـ 13 (واقعياً) في شهر تشرين الثاني الحالي وللأجناس (الرسم والنحت والخزف والكرافيك).
وأضاف العبادي أنَّ "مهرجان الواسطي يعدُّ واحداً من أهم مهرجانات الفن التشكيلي في العراق وكما هو معروف كان دولياً ولكنْ بسبب جائحة كورونا والظروف الحالية التي يمرُّ بها العراق، سيكون المهرجان محلياً".
وأشار المدير العام الى أنَّ "الدورة الـ 12 كانت من أبرز الدورات التي أقيمت في السنوات السابقة نتيجة المشاركات الفعالة والكبيرة فيها، فضلاً عن الحضور الذي امتلأت به قاعات وزارة الثقافة التي هي بالأصل قاعات دائرة الفنون العامة.. ولا شك أنَّ هذا كله كان حافزاً للاستمرار ومواصلة العمل وبذل كل الجهود لإنجاحه".
وعبر المدير العام عن أمله في أنْ "يكون المهرجان في دورته الحالية بالمستوى الذي كان عليه في السابق أو أفضل منه"، موضحاً أنَّ "اللجنة التحضيريَّة اتفقت على أنْ يكون واقعياً وليس الكترونياً وانه جرى اتخاذ جميع الإجراءات في دائرة الفنون وبأدق التفاصيل وخاصة تلك التي تتماشى مع إجراءات السلامة الكاملة الخاصة بخليَّة الأزمة المرتبطة بجائحة كورونا".
 
انطلاقة جديدة
وبين العبادي أنَّ "المشهد الثقافي العراقي بحاجة الى فعالية او نشاط تكون له انطلاقة جديدة من أجل التعايش مع الفيروس الذي لا نريده أنْ يكون سبباً في إعاقة فعاليات الثقافة العراقية أو كبوتها"، متابعاً "ستكون الانطلاقة من دائرة الفنون لهذا المهرجان الذي شكلت جميع لجانه بدءاً من اللجنة التحضيرية التي تكون بالطبع من دائرة الفنون التشكيليَّة والتي ستتخذ إجراءات عملية داخلية للمهرجان، فضلاً عن لجنة اختيار الأعمال".
واردف المدير العام قائلاً: "بهذا الصدد قد صدر أمرٌ إداريٌّ بالأسماء المشكلة لهذه اللجان والتي ستكون من عدة جهات، فهناك ممثلون عن أكاديمية الفنون الجميلة ونقابة الفنانين وكذلك جمعية التشكيليين العراقيين وبعض الفنانين المتميزين الذين لهم باعٌ كبيرٌ في هذا المجال".
وتابع المدير العام "أردنا أنْ تكون اللجنة من خارج الوزارة وهدفنا من ذلك هو إبعاد وإزالة كل الشكوك والظنون التي ربما تدور في مخيلة البعض الذي قد يتوهم بأننا نجامل على حساب الفن التشكيلي، والحقيقة أننا نريد الارتقاء بقيمة هذا الفن بالمستوى الذي يليق بتاريخه وإنجازاته عبر السنين".  
وأكد العبادي أنَّ "المهرجان يمثل تظاهرة ثقافية واسعة، وأملنا بأنْ تكون المشاركات واسعة من داخل وخارج العراق"، مشيراً الى أنَّ "الدائرة تسلمت العديد من الأعمال الفنية وسيجري قريباً إعلان قائمة بأسماء الفنانين المشاركين في المهرجان".
ودعا المدير العام الى "المشاركة الفاعلة لجميع الفنانين الكبار والشباب ومن داخل العراق وخارجه في هذا المهرجان لما يمثله من قيمة كبيرة في تاريخ ومسيرة الفن التشكيلي العراقي"، موضحاً بأنه "سيكون هناك عملٌ للجنة المختصة بفرز واختيار الأعمال المشاركة، وستكون هناك شهادات تقديريَّة وجوائز للفنانين الرواد والشباب على حدٍ سواء".
 
من داخل وخارجه
وفي ذات السياق قالت مديرة قسم المعارض في دائرة الفنون العامة رلى عادل الحمداني: إنَّ "المشاركات بمهرجان الواسطي في دورته الحالية ستكون من داخل وخارج العراق".
وأضافت أنَّ "الدائرة والعاملين عليها سيعملون وتكثف كل الجهود لإنجاح المهرجان كما حدث مع باقي الدورات السابقة ذلك أنَّ نجاحه يمثل نجاحاً للوزارة وللدائرة".
يشار الى أنَّ مهرجان الواسطي أقيم في بغداد في دورته الأولى عام 1972، وتميز بالتنويعات الفنية، والندوات، والمحاضرات، عن أعمال الواسطي، والمعارض الشخصية، حتى عام 1997، ووصل عدد الأعمال في دورته الأخيرة الى 170 عملاً فنياً، اغلبها لفناني مدينة الكوت.
وتوقف المهرجان لظروف الحصار، والحروب، حتى عاد يوم 3 من تشرين الأول من العام 2010، واستمر حتى يوم 28 منه، وعد امتداداً للدورات السابقة، وتميز بمشاركة كبيرة لفن الخزف، وإقامة ندوات نقديَّة، شارك فيها نقاد وفنانون من دائرة الفنون، ومن خارجها، وإصدار كتيبات تعريفيَّة عن المهرجان، تحمل لوحات لخالد الذكر الواسطي، وتميز بمشاركة كبيرة للملصقات الفنية، والتي تمتلك مؤهلات الأعمال الانتقائيَّة الناجحة.
والواسطي هو يحيى بن محمود بن الحسن (من القرن الثالث عشر الميلادي) رسام وخطاط من العراق، في بداية القرن الثالث عشر الميلادي. اختط نسخه عام 1237 م، من مقامات الحريري وزينها بمئة منمنمة من رسومه تعبر عن الخمسين مقامة (قصة)، وقد فرغ الفنان الواسطي من تصوير وخط هذه المقامات سنة 634 للهجرة الموافق لـ1237 للميلاد، وهي الآن محفوظة في عدة متاحف ومكتبات عالمية، وقد ذاع صيت هذه المقامات المرسومة وتزاحم الحكام والمترفون وقتذاك على حوزتها، وبذلك مثلت المقامات أوج ما وصلت إليه المدرسة العراقية في فن الرسم والتلوين حينها. وكان عمله هذا أول عمل في التصوير العربي نعرف اسم مبدعه، وللواسطي تمثالٌ في مبنى وزارة الثقافة من أعمال الفنان الراحل إسماعيل فتاح الترك.
 
أيقونة فنية
من جانبه قال مدير إعلام دائرة الفنون العامة غسان حامد: إنَّ "دائرة الفنون العامة تواصل استعداداتها على قدم وساق لاحتضان هذا الحدث الكبير بجهود ذاتيَّة خالصة، إذ تسلمت الأعمال الفنية المشاركة وتم إخضاعها للجان متخصصة بذلك واختيار ما يليق منها بالمهرجان، فضلاً عن تهيئة قاعات العرض ومداخلها وصيانة وتأهيل نصبي الواسطي والنخلة ووضع المنهاج الخاص بالافتتاح وما بعده من فعاليات".
وأضاف حامد "مهرجان الواسطي الذي يعود اسمه الى أشهر الرسامين العرب والمسلمين في أواخر العصر العباسي يحيى بن محمود الواسطي، سيقام في 28 من شهر تشرين الثاني الحالي على قاعات دائرة الفنون وسيكون بمشاركة فنانين يمثلون أربعة فنون مهمة وهي الرسم والنحت والخزف والكرافيك، في خطوة تؤكد من خلالها دائرة الفنون بمديرها العام الدكتور علي عويد العبادي على أهمية الفن التشكيلي في المرحلة الحالية".
ولفت "ربما يتساءل البعض لماذا هذا التوقيت لمهرجان الواسطي السنوي الجواب بكل سهولة وببساطة، الواسطي سيكون أول فعالية فنية على أرض الواقع مع عودة الحياة بشكل تدريجي بعد أشهر من إجراءات مشددة بسبب جائحة كورونا وما رافقها من توقف شبه تام للحياة... مع التذكير أنه رغم الظروف التي مر بها بلدنا الحبيب، لم تقف حائلاً أمام دائرة الفنون العامة في مواصلة رسالتها الفنية، إذ أقامت أكثر من 150 معرضاً فنياً الكترونياً لفنانين عراقيين وعرب وأجانب خلال فترة الجائحة وهو رقم قياسي لم تسبقها أية دائرة أخرى وربما حتى على مستوى العالم من دون مبالغة، وها هي تستعد لأهم فعالية فنية وهي "الواسطي".
 
عاصمة الثقافة
وأكد "أتذكر آخر فعالية للمهرجان كانت قبل عامين وشاءت الظروف أنْ أكون خارج العراق وتحديداً في فرنسا بلد الثقافة والفن، وفي يوم انطلاق المهرجان كنت أتابعه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكانت صوره تعكس شغف العراقيين لهكذا مهرجان وحضورهم الكبير من مختلف الشرائح والتخصصات.. كان بجواري أحد الزملاء الصحفيين قلت له هذا مهرجان فني سنوي يقام حالياً في بغداد، قال لي بالحرف الواحد وكان منبهراً بعد رؤيته صور المهرجان: "ليس غريباً على بغداد عاصمة الثقافة العربية هكذا عشق للفن".