من المعروف أن المسرح العراقي ازدهر على يد الفرق المسرحية الاهلية، اضافة الى الفرقة القومية التابعة للدولة، وكانت تلك الاعمال تمثل قمة الاعمال المسرحية العربية نصا واخراجا واداء والشواهد على ذلك كثيرة.
وكانت لدينا عشرات الفرق المسرحية الاهلية تعمل الى جانب الفرقة الأم (القومية) كفرقة الفن الحديث والشعبي واليوم والرسالة والطليعة والمسرح الحر واتحاد الفنانين 14 تموز للتمثيل وغيرها، وكل الفرق كانت تقدم اعمالها في منافسة شريفة تصب في تطوير المسرح العراقي ورفده بنجوم الفن الادائي. اضافةالى انها كانت المصب الذي يحتضن الخريجين والمواهب الكثيرة ممن لاتستطيع فرقة الدولة. استيعابهم .بعد عام2003 كنا نتصور ازالة المحظورات وتطور المسرح على نحو افضل، لكن فوجئنا بتراجع المسرح بشكل ما وغياب الفرق الاهلية ووفاة بعض رواد المسرح الذين لهم الدور الكبير في استمرارية وتطور هذا المفصل الثقافي. ولرب سائل يسأل لماذا غابت الفرق الاهلية التي كما قلنا لعبت دورا مهما في عملية التطوير واغناء المسرح بتجاربها الناضجة، كما فعلت فرقة الفن الحديث مثلا التي كانت تمثل منارا مهما لكل المسرحيين في العراق بما فيهم مسرح الدولة. وهذا الغياب أثر كثيرا في العمل المسرحي، لان هناك الكثير من الملاكات لم تضمها الفرقة القومية وكانت الفرق الاهلية تستوعبها وحين توقفت تلك الفرق ضاعت جهودهم وابتكاراتهم، اما ابرز سبب في غياب الفرق الاهلية هو غياب الدعم المادي تماما بعد 2003، فأصبحت الفرق لا تقوى على ادامة أعمالها، والنظرة الدونية للفن من قبل بعض الاحزاب وتصاعد العنف في البلاد، ناهيك عن ضعف القدرة المالية الذاتية للفرق على استئجار مسرح او ادامة ما موجود من مسارح.
ولا بدّ من أن نذكر بأن الحكومات السابقة قد شرعت قانوناً خاصاً بتشكيل الفرق المسرحية وأجرت عليه تعديلات كان آخرها قانون رقم (8) لسنة 2002 . ومع ذلك لم يخدم هذا القانون الحركة المسرحية وظل بحاجة الى تعديلات، ولاننا لا نجد اليوم اهتماما للمسرح او الفن ، فظلت الحال على ما هي عليها، لذا اذا اردنا الخير لمسرحنا فعلينا اعادة الفرق الاهلية، لكن بشرط رعاية الدولة الجادة لتستطيع الاسهام في تحريك الراكد وتطوير العمل المسرحي، وهذا يتطلب تدخلا من المؤسسات المعنية، ممثلة بوزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح ونقابة الفنانين وكلية ومعهد الفنون الجميلة.