غني ويقترض

آراء 2020/11/17
...

 نوزاد حسن

 وأنا أشاهد جلسة البرلمان التي صوت فيها على اقرار قانون العجز المالي، وما حصل من كلام ومداخلات واعتراضات وانسحاب النواب الكرد، أقول وأنا أشاهد كل ذلك شعرت بانزعاج، وتذكرت حديثا لمعلم بوذي حي يرزق اسمه سادغورو، هذا المعلم روى في محاضرة له قصة متصوف من البصرة، وحين اراد سادغورو تعريف البصرة لمستمعيه، قال لهم: ان البصرة مدينة في العراق وهي مشهورة في اللؤلؤ والانفجارات، 
ما اثار تساؤلي هو انطباع المعلم البوذي عنا، فنحن اغنياء نملك اللؤلؤ وغير اللؤلؤ، ومع ذلك نقترض لنسدد رواتب الموظفين، ورواتب الرعاية الاجتماعية للأشهر الثلاثة المتبقية من هذا العام.
 جلسة البرلمان كانت صاخبة، لكنها أقرت في النهاية القانون الذي دفع البرزاني الى وصفه بأنه طعنة اخرى توجه للإقليم، ويبدو ان حكاية العجز المالي لن تنتهي اذا ما استمرت اسعار النفط بالهبوط بسبب تاثير جائحة كورونا على الاقتصاد 
العالمي.
 قانون العجز المالي يضعنا امام مشكلة حقيقية هي عجز القوى السياسية عن ادارة السياسة الاقتصادية والمالية والامنية والصحية ادارة متوازنة، لذا لم يعد مصطلح البلدان الفقيرة يعني دولا لا تملك موارد تجعلها غنية، وانما صار يعني تلك الدول التي لا تعرف كيف تدير مواردها وخيراتها التي تملكها، مثل هذه الدول ستنفق ثرواتها الطائلة في قدر تصنعه كما صنع صدام حسين حروبه العبثية او نظام تبتكره يقوم على فكرة المحاصصة التي اصبحت دليل عمل سياسي بعد العام 2003.
اتخيل فكرة الاقتراض دائما على أنها حدبة ضخمة تنمو على ظهر الاقتصاد، من دون توقف، ومن المؤسف ان الجميع يعرف ما هي الحلول التي تطور الواقع الاقتصادي، لكن لا توجد مؤشرات على العمل من اجل دفع عملية تطور هذا الواقع الاقتصادي 
الى الامام.
إن اي مسؤول في الحكومة سيقول ان على الدولة ان تضع يدها على مقدراتها كلها بلا استثناء، وان تفعل الاستثمار، الجميع يقولون هذا، ولكنهم مع الاسف لم يتطرقوا الى مسألة تقليل رواتب وامتيازات المسؤولين، وهي بلا شك عالية جدا وترهق ميزانية الدولة باعتراف المختصين بالشأن الاقتصادي، وأظن ان الوقت قد حان لاتخاذ مثل هذا الاجراء الوطني في ظل هذه الازمة المالية الصعبة.