معرض السليمانية للكتاب يفتتح أبوابه تحدّياً لجائحة كورونا

ثقافة 2020/11/20
...

  السليمانية: صفاء ذياب
 
على الرغم من الأزمة الصحة التي تمر يمر بها العراق، لا سيما مدينة السليمانية، والإصابات المرتفعة بوباء كورونا، غير أن شركة أطلس أصرّت على إقامة معرض السليمانية الدولي للكتاب بدورته الثانية.
المعرض الذي يقام للمدة من 18 وحتى 27 من هذا الشهر على أرض المعارض في منطقة طاسلوجة في السليمانية، افتتح أبوابه يوم الأربعاء الماضي بمشاركة عربية وعراقية واسعة، فقد تجاوز عدد المشاركين أكثر من 150 دار نشر من 16 دولة عربية وأجنبية، فضلاً عن الدور المحلية من إقليم كردستان.
ومن الأسباب التي تجعل هذا المعرض مهماً بالنسبة للعراق أولاً والمنطقة ثانياً، أنه يقام في الوقت الذي أعلنت الكثير من الدول إلغاء معارض الكتاب مثل الكويت والأردن ولبنان وتونس والجزائر وغيرها الكثير، ومن ثمَّ، يأتي هذا المعرض بعد معرض الشارقة الذي أغلقت أبوابه قبل ثلاثة أيام من انطلاق معرض السليمانية، وبهذا صار أمام اتحادات الناشرين العرب تحديات جديدة، في الترتيب للمعارض المقبلة.
وتأتي مشاركة أغلب الناشرين العرب في معرض السليمانية بعد الانهيار الكبير الذي شهده سوق الكتاب على إثر حظر التجوال في المنطقة العربية جرّاء الجائحة، ومن ثم انعدام شحن الكتاب بين الدول وإغلاق أبواب المكتبات لأكثر من ثمانية أشهر، وهو ما جعل الناشرين يأملون بفتح أسواق جديدة للكتاب كان أولها الشارقة وثانيها السليمانية.
 
صعوبات ضاغطة
الصعوبات التي واجهت دور النشر في ممارسة عملها وتوقفها عن إصدار عناوين جديدة خلال الأشهر الماضية، هي نفسها التي واجهت إدارة معرض السليمانية للكتاب. وهذا ما يؤكّده الدكتور واصف حمدي؛ مسؤول العلاقات الدولية للمعرض، مشيراً إلى أنه لا توجد مهنة من دون صعوبات، لاسيّما وأن هذه الدورة الثانية للمعرض فقط. مبيناً أنه قبل انطلاق الدورة الأولى للمعرض في العام الماضي 2019 زار البلاد العربية والتقى رؤساء اتحادات الناشرين وبعض وزراء الثقافة، لهذا «تمكّنا من دعوة أكثر من 180 مشاركاً من دور نشر عربية وأجنبية، وما يقارب من 15 دولة، فكان معرضاً ناجحاً بشهادة اتحادات الناشرين. لهذا، لم نؤجل المعرض لهذا العام على الرغم من تأجيل الدول العربية لمعارضها، لكننا أصررنا على إقامته في وقته من دون تأجيل». ويوضح حمدي أن صعوبات هذا العام تكمن في الموافقات الصحية بسبب جائحة كورونا، لكننا جهّزنا أنفسنا لموافقة هذه الجائحة من خلال الرعاية الصحية الخاصة والوقاية، وهناك ملاك كامل من أجل التعقيمات.
شارك في هذا المعرض أكثر من 16 دولة عربية، فضلاً عن العراق واقليم كردستان، وشارك من أوروبا بريطانيا وهولندا، هذه المشاركات الكثيرة شجّعت القرّاء على زيارة المعرض في يومه الأول؛ على الرغم من أن الإقبال لم يكن كبيراً كما توقّع القائمون على المعرض، لكن مع هذا فلا بأس به حتى الآن، «لأن المعرض متنوّع في تخصصات الكتب، أدبية وفكرية وتاريخية وقانونية وطبية وغيرها من التخصصات»، حسب قول حمدي.
غير أننا نلاحظ عزوف الكثير من دور النشر المهمة عن المشاركة في هذه الدورة، ويعزو حمدي هذا العزوف بسبب الأوضاع الصحية وتخوّف الكثير من الناشرين من الإصابة بالوباء، فضلاً عن الإعلام الذي جعل من مدينة السليمانية بؤرة جديدة في العراق.
وإذا قسنا نسب مشاركات الدول العربية، سنجد أن مصر كان لها الحصة الأكبر من المشاركات، وعن هذا الإقبال المصري، يقول حمدي إننا إذا قارنا عدد دور النشر المصرية بأية دولة أخرى، فليست هناك أية مقارنة، فدور النشر المصرية تتجاوز 1200 دار، في حين أن أعلى دولة عربية أخرى لا تتجاوز 300 دار نشر، وهذا يعني أن دور النشر المصرية سيكون لها الحظ الأكبر من المشاركة. و»نحن نعد المشاركة المصرية بهذا الحجم دعماً كبيراً للمعرض وليس العكس. أما الدور الأخرى، ومنها دور معروفة ومهمة في إصداراتها، فاعتذرت خوفاً من جائحة كورونا وانتشاره عالمياً».
 
أسعار الأجنحة
وفي معرض إجابته عن طرحنا لشكوى الناشرين من ارتفاع أسعار الأجنحة نسبة للمبيعات في العام الماضي، وما رؤوه في اليوم الأول من المعرض، أجاب الدكتور واصف حمدي بأنه إذا كان هذا قياسنا، فلماذا كرّر أغلب الناشرين مشاركته للعام الثاني على التوالي، بل إن أسعارنا كانت مناسبة جداً، فقد حجزنا لهم فندقاً 4 نجوم أو 5 نجوم، مع اشتراك المعرض وكان المتر بـ110 دولارات، على الرغم من أن أقل حجز فندق بهذا المستوى لا يقل عن 80 دولاراً، وإذا أراد الناشر أن يحجز الجناح فقط، فكانت الأسعار بـ80 و70 دولاراً حسب الموقع على أرض المعرض، مع توفير مواصلات كاملة وفيزا على حساب المعرض، وعملنا كل هذا من أجل أن نرفع شأن المعرض.
غير أن خالد محمود أمين ممثل دار التكوين من سوريا كان له رأي آخر في هذا الجانب، قائلاً إنه كان لديه انطباع أن معرض السليمانية سيكون أسوة بمعرضي بغداد وأربيل، وإن اختلف فليس كثيراً، فكان معرضا بغداد وأربيل متطوّرين من الناحية الخدمية والإعلامية والدعم للناشرين. «لكنني رأيت أن اليوم الأول ليس على المستوى المطلوب، فلا يوجد افتتاح بالمعرض الحرفي لهذه الكلمة، والحضور بسيط جداً، لا سيّما أنَّ الافتتاح خلا من أيّة شخصية اعتبارية كانت ستقدم دعماً نفسياً للناشر، ببساطة وجدنا أن المعرض ليس فيه أيّة خدمات من كل النواحي، من ناحية أرضية المعرض والمسافة بين الأجنحة، وهناك خلخلة بترتيب الأجنحة وأرقامها، وبموضوع التخصصات، مثلاً دار التكوين فكرية وأدبية وضعونا وسط دور قانونية ودينية وتراثية، تصنيف دور النشر غير صحيح، هذه الأخطاء كان من المفترض أن تنتهي هذه السنة، لكننا نرى أن هناك تراجعاً وليست هناك مقارنة بين معرض بغداد وأربيل. ولا يوجد فولدر للمعرض ولا نظام لمعرفة أماكن دور النشر وإصداراتها، وهذا كله يسهّل على الزوار البحث ومعرفة ما يريدون من كتب وناشرين».
في حين يختلف رأي حسن كمال، مسؤول جناح شركة المطبوعات من لبنان، عمّا قاله أمين، موضّحاً أن هذه التجربة الثانية للدار في السليمانية، و»أحببنا أن نشارك لأننا رأينا في المرة الأولى بصيص أمل كبيراً للكتاب، لاسيّما أن ينتشر الكتاب العربي في السليمانية، فضلاً عن أننا دار نشر لدينا تخصصات مختلفة من كتب أدبية وعلمية وتراثية والطب البديل، والإقبال متساوٍ بينها».
ويضيف كمال: وكانت شجاعة القائمين على المعرض شجّعتنا على المشاركة للمرة الثانية ونتأمّل أن تكون تجربته ناجحة، وغذا كان حديثنا عن التنظيم، فقد كان فيه بعض الإرباكات اللوجستية، وربّما هذا بسبب جائحة كورونا، وإعادة الفحص أكثر من مرة وتأخير الطيران والفيزا، كل هذا سبّب إرباكاً للناشرين والإدارة معاً، أما تنظيم المعرض فنحن نسير بالطريق الصحيح وسوف يتحسن بالتجارب القادمة.
في معرض السليمانية اختلفت آراء الناشرين في تقييمه بعد الافتتاح ونهاية اليوم الأول، وهذا ما يحدث غالباً مع معارض الكتاب الدولية، محلّياً وعربياً، وفي الوقت نفسه، فإن معرض هذا العام سترافقه فعاليات ثقافية متنوعة، إلا أنها ستكون جميعاً باللغة الكردية، وهذا ما أكّده لصحفتنا مروان الكردي، مسؤول إعلام المعرض، عازياً ذلك لعدم وجود أي دعم للمعرض من الجهات الحكومية، وأن شركة أطلس هي من قامت بتمويله والإشراف عليه تماماً، وأن دعوة أي كاتب عربي سيكلف ميزانية المعرض أكبر من طاقتها في الوقت الحالي، لاسيّما والجميع يعيش في تقشّف تام بسبب جائحة كورونا والوضع الاقتصادي عموماً.