اللهاث وراء الرّغيف

آراء 2020/12/09
...

  د.نازك بدير*
أين موقع الشّباب اليوم من كلّ ما يجري؟ كيف يتكدّسون في ظلّ جائحة كورونا؟ وهل أفرَدَتْ لهم الحكومات مجالات للتّعبير تمثّل قناعاتهم؟ قد يظهر البعض منهم بين الحين والآخر على شاشات التلفزة لكن، ما الذي يتمّ تقديمه؟ وهل ثمّة حلقات نقاش فعليّة تُدار في ما بينهم، أم أنّها تكون في معظمها عبارة عن أصداء، أين هي النّدوات الحقيقيّة التي تُعنَى بقضايا الشّباب العربي وأزماته وتطلّعاته ومستقبله؟
‎المفارقة أنّ هذه الفئة العمريّة التي تتطلّب العناية والاهتمام، وفي الأصل، يُرصَد لها وزارة خاصّة نظرًا لأهميّتها (وزارة الشّباب مثلا) هي كما يبدو في كثير من البلدان شكليّة، صُوَريّة، لا تُقدِّم ولا تؤخِّر، لا تعتمد خططًا إنمائيّة، ولا يشارك فيها الشّباب المثقّفون، سواء من الطّلّاب أو من الخرّيجين أم ممّن يحملون مشروعًا لخدمة
 أقرانهم. 
نرى في الإجمال، أنّ مثل هذه الوزارات، في عالمنا العربي، تصبّ ميزانيتها في الميزاب الخاطئ، وبذلك، تدفع بالدّول، كما غيرها من الوزارات، نحو الانحدار والهرم.
‎محاولة طمْس هؤلاء الشّباب وإغراقهم في اللهاث وراء الرّغيف من جهة، وتجربة الحصول على تأشيرة سفر إلى بلد قد يجدون فيه فرصة عمل من جهة ثانية، هو أمر معيب بحقّ بلادٍ من الواجب أن تحتضن شبابها، وتؤمّن لهم كلّ حقوقهم، وتعزّز ما يربطهم بجذورهم.
‎ماذا يتبقّى لأمّة متى خسرَتْ عنصرها النّضِر؟ يكفي أنّ الكهولة تغزو عددًا كبيرًا من الدّول العربيّة على مستوى الخدمات الاجتماعيّة والبنى التحتيّة، ويفتقر فيها المواطن إلى أبسط مقوّمات
 الحياة. 
ثمّة أزمة ظاهرة جليًّا، لا سيّما أنّ الشّعوب العربيّة شابّة إجمالًا، إذ يشكّل الشّباب الذين لم يتجاوزوا الثلاثين عامًا نحو ربع إجمالي سكّان المنطقة (بحسب قسم السّكان التّابع لإدارة الشّؤون الاقتصادية والاجتماعية في أمانة الأمم المتّحدة2019) وعلى الرّغم من ذلك، فهم مهمّشون في المواقع الرّياديّة، وعلى مستوى القيادة. 
‎مسؤوليّة الشّباب لا تتوقّف عند وزارة واحدة فحسب، بل هي متّصلة بمختلف وشائج المجتمع ومفاصل الدّولة، كونهم الفئة المؤهّلة لإدارتها، وعليهم المعوّل في اجتراح الحلول البديلة للخروج من
 الأزمات.
 
* أكاديميّة وكاتبة لبنانيّة