ثقافة حقوق الإنسان

آراء 2020/12/13
...

 محمد صادق جراد 
من أجل الحد من الانتهاكات الخطيرة في حقوق الانسان وضع المجتمع الدولي قوانين ومواثيق دولية لاحترام هذه الحقوق والمحافظة على السلم الاهلي، وقام بتحديد آليات لتطبيقها وضمان عدم انتهاكها من قبل الأنظمة والحكومات وأجهزتها القمعية، او من قبل الجماعات المتطرفة. 
الا ان ذلك لم يكن كافيا في ظل غياب ثقافة حقوق الانسان، كسلوك وقيم اجتماعية وأخلاقية تؤمن بها المجتمعات وتتخذها سلوكا ومفاهيم ثابتة.
ولقد غابت مفاهيم حقوق الإنسان في العراق لعقود طويلة، وشهدنا جرائم عدة، وانتهاكات في حقوق الإنسان، عبر جرائم إبادة جماعية وحشية لم تحصل على ما تستحق من تنديد او شجب او محاسبة، حتى جاءت التجربة الديمقراطية بعد 2003، وانطلقت معها دعوات لاحترام حقوق الإنسان وتكريس المفاهيم الديمقراطية. 
وفي الوقت الذي توقعنا فيه ان يكون هناك واقع جديد من احترام حقوق الإنسان ومنحه مساحة واسعة من حرية التعبير، وجدنا ان هناك أكثر من طرف أصبح ينتهك هذه الحقوق، كالعصابات التكفيرية التي قامت بقتل كل من يخالفها الرأي، إضافة الى حالات تكميم الافواه وخطف الناشطين والصحفيين وقمع الدولة للمتظاهرين وسقوط مئات الشهداء في بغداد والمحافظات، واليوم تشهد ساحات السليمانية أحداثا مشابهة لما حدث في بغداد والمحافظات الأخرى، من خلال التعامل بقسوة مع المتظاهرين، كل هذا يثبت بان هناك خروقا كثيرة في مفاهيم حقوق الإنسان، بسبب غياب الثقافة المجتمعية بهذه الحقوق، وهي مخالفة ليست للقوانين والمواثيق الدولية فحسب، بل مخالفة للدستور العراقي، الذي ضمن حرية إبداء الرأي والتظاهر والتجمع، وهي ابسط حقوق 
المواطن .
ما يحدث في العراق يحدث في دول أخرى ونظرا لحاجة الكثير من الشعوب لقوانين دولية لحماية حقوقها من الانتهاكات الخطيرة، التي تتعرض لها  اصبحنا امام حاجة، لإشاعة ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع وحاجة لتسييس وتدويل قوانين ومبادئ حقوق الانسان، من اجل أن تكون هذه القوانين سلاحا بيد المنظمات الدولية لمحاسبة الانظمة الفاشية، التي تضطهد شعوبها وتنتهك كرامة ابنائها .