الدبلوماسيون الأميركيون استهدفوا بموجة لاسلكية عالية الطاقة

آراء 2020/12/13
...

  أيمي مكينّان وروبي غريمر: عن مجلة «فورن بولسي»
 ترجمة: أنيس الصفار 
تفيد دراسة اجرتها الأكاديميات القومية للعلوم والهندسة والطب بأن الإصابات الدماغية الغامضة، التي عانى منها دبلوماسيون وضباط تابعون لوكالة المخابرات المركزية «سي آي أي» خلال فترة خدمتهم في كوبا والصين وروسيا ربما كان مصدرها ذبذبات راديوية نابضة عالية الطاقة.
جاء في التقرير: «بعد الاطلاع على المعلومات المتوفرة، إلى جانب الاليات المحتملة، تشعر اللجنة المكلّفة أن كثيرا من العلامات والاعراض والملاحظات التي ذكرها موظفو وزارة الخارجية، تتفق مع الآثار المتولدة عن نبضات من الطاقة الراديوية الموجّهة». كما اضاف التقرير أن المسألة تتطلب مزيداً من 
البحث.
هذه الدراسة الحكومية السريّة، التي قدّمت الى الكونغرس بعد أربعة اشهر من التكتم، تستعرض اوسع وصف حتى الآن، لما يحتمل ان يكون السبب في المشكلات الصحية الغامضة، التي اشتكى منها دبلوماسيون أميركيون ومسؤولون في المخابرات، لم تكشف الحكومة الأميركية الى العلن سبب تلك الهجمات المحتملة، او حتى إن كانت على علم بالمصدر الذي انبعثت منه موجة الطاقة 
الراديوية.
كان المسؤولون الأميركيون يرتابون منذ وقت طويل بأن الحكومة الروسية هي من يقف وراء الهجمات، التي أدت الى توتر علاقات واشنطن بهافانا وبكين، بيد انهم لم تكن لديهم معلومات قاطعة تؤكد تورط الكرملين، وقد نفت الحكومتان الروسية والكوبية أي علم او مشاركة لهما بالهجمات المزعومة.
لم يحاول التقرير المؤلف من 66 صفحة وضع اجابات محددة بشأن الطرف المحتمل الكامن وراء الهجمات، إن كانت الهجمات بالفعل هي سبب ما عانى منه الدبلوماسيون، أو الاليات التي استخدمت في تسليط الموجات الراديوية على الدبلوماسيين الأميركيين، بيد ان كتاب التقرير يشيرون الى ان ما توصلوا اليه يضع مشكلة مؤرقة امام الحكومة الأميركية بخصوص قدرتها على، أو عجزها عن حماية ملاكاتها من اية هجمات محتملة مستقبلاً. 
في مستهل التقرير كتب البروفسور «ديفد ريلمان» وهو استاذ من جامعة ستانفورد تولى رئاسة اللجنة، التي اجرت الدراسة الكلمات التالية: «مجرد تأمل سيناريو كهذا يثير لدى المرء مشاعر قلق حقيقي ازاء عالم يضم لاعبين محرومين ناقمين ووسائل متجددة لإيقاع الأذى بالآخرين».
منذ العام 2016 أخذ بعض مسؤولي وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية «سي آي أي» العاملين في كوبا والصين يبلغون عن اعتلالات صحية غامضة تنتابهم من بينها الصداع الحاد والدوخة والدوار وفقدان الذاكرة. تعهد كبار المسؤولين في ادارة ترامب بالتوصل الى الحقيقة ومعرفة سبب تلك الاعراض والمتسببين بها، ولكن الأمر استعصى على كبار المحققين والعلماء في الحكومة الأميركية. أصابت هذه الاعراض، التي صار يطلق عليها اسم «متلازمة اضطراب هافانا»، عدة عشرات من المسؤولين الأميركيين على أقل تقدير.
طيلة تلك السنوات التي أعقبت ظهور هذه المشكلات الصحية كان مسؤولو وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية، الذين اصيبوا بها يعبرون عن غضبهم وشعورهم بالاحباط ازاء ردود فعل الحكومة ويقولون انهم لم يلقوا ما يكفي من العناية الطبية او يبلغوا بالمعلومات التي تتوصل اليها عمليات التحري. يقول ريلمان انه هو الاخر شعر بالاحباط بسبب رفض الحكومة الاعلان عن
 التقرير.
دعت هذه الدراسة، التي نفذت بتكليف من وزارة الخارجية، عدداً من اطباء الامراض العصبية وخبراء الهندسة الكهربائية والمتخصصين في علم السموم وعلماء الأوبئة للمشاركة في تحري واستجلاء اربعة تفسيرات محتملة للاعراض، وقد شملت قائمة الاسباب المحتملة: التعرض لموجة من الطاقة الراديوية، التعرض لمبيدات الحشرات،الاصابة بأمراض معدية معينة، او العوامل النفسية.
خلصت الدراسة في نهاية المطاف الى ان الاعراض التي عانى منها المسؤولون في مواقع متباعدة تتطابق مع تلك الناجمة عن ذبذبات من الطاقة الراديوية النابضة، بيد أن التقرير لم يستبعد احتمال ان يكون بعض التفاوت في الاعراض بين حالة وأخرى ناجماً عن اسباب متداخلة منها العوامل النفسية والاجتماعية، على حد تعبير التقرير.
عبر متحدث باسم وزارة الخارجية عن «سروره» بالكشف عن التقرير وأفاد بأن العمل لا يزال مستمراً لتحديد ما حدث لملاكات وزارته وافراد أسرهم. اضاف المتحدث قائلاً: «التحريات مستمرة وأي سبب محتمل سوف يبقى قيد النظر». 
يشير التقرير من بين استنتاجات عديدة خلص اليها الى أن هذه المجموعة من العلامات والاعراض، تنسجم مع الآثار التي تخلفها موجة من الطاقة الراديوية النابضة، ثم يستطرد مبيناً أن عبارة «تنسجم مع» هو تعبير في مجال الطب والعلوم يقصد منه الدلالة على ان التوصل مقبول ظاهراً من دون تحديد السبب.
كذلك تجنب المتحدث الرد مباشرة على السؤال: «لماذا أبقت الوزارة الدراسة طي الكتمان الى الان؟» كما لم يجب على الاسئلة بشأن ما اذا كانت التحريات المتعلقة بتلك المشكلات الصحية، قد احرزت تقدماً جديد خلال الاشهر الأخيرة.
في شهر تشرين الثاني أورد تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» ومجلة «جي كيو» ان المسؤولين الأميركيين تراودهم شكوك بأن تلك الاعراض الصحية كانت جزءاً من هجوم منسق نفذه أحد خصوم أميركا، لم تبين وكالة المخابرات المركزية إن كان الكرملين هو الذي يقف وراء الهجمات، بيد ان احدى وكالات التحري استخدمت بيانات الموقع الخاصة بالهواتف النقالة، فوجدت ان افراداً لهم صلة بأجهزة الأمن الروسية كانوا يعملون ضمن نطاق منطقة تواجد المسؤولين الأميركيين قبل ظهور الأعراض لديهم.
قدم طلب الى وزارة الخارجية الروسية للإدلاء بتعليق من جانبها لكنها لم ترد بعد.