سائقو سيارات الأجرة.. بين الرزق الحلال والتحرُّش

ريبورتاج 2020/12/13
...

آية حسين 
 
تقف الشابة هدى علي في الطريق وعلامات التوتر والخوف تبدو واضحة على محياها، ولكونها المرة الاولى التي تركب فيها سيارة أجرة بمفردها، وبمجرد جلوسها قام السائق بعكس المرآة الأمامية على وجهه وقام بطرح الاسئلة الشخصية، بدأ يأخذ طريقاً مغايراً بأقصى سرعته فأمسكت قبضة الباب وبدأت تقرأ الآيات القرآنية بصوت خافت، تنتظر الفرصة لكي تهرب منه، هذا موقف واحد من مئات المواقف التي يتعرض لها الركاب وخاصة النساء، فلم يعد الركوب مع سائق الاجرة أمرا محببا، بسبب بعض التصرفات التي تصدر من بعضهم، والتي لا تتناسب مع الاخلاق ولا الذوق العام، منها التحرش والتدخين والتدخل بالشؤون الخاصة وغيرها من التصرفات، التي تأثر سلباً في الاشخاص الاخرين، الذين يمتهنون هذه المهنة وتعد المصدر الوحيد لهم لكسب لقمة العيش. 
«ترفكلايت»
هذه المرة الأولى والأخيرة التي أركب فيها سيارة أجرة بمفردي، هذا ما بدأت به في معرض حديثها، وتضيف هدى علي (26 عاما): «لا يمكنني أن أنسى هذا الموقف طول حياتي، كاد قلبي يتوقف عن النبض من شدة الخوف بسبب سرعته والطريق الذي لم أمر به من قبل، فلولا رحمة الله التي جعلت اشارات المرور توقف السيارة لما استطعت الهروب منه». 
 
ربو
هناك بعض سائقي التاكسي يقومون بتصرفات مزعجة من دون مراعاة واحترام الركاب، منها التدخين على طول الطريق أو التكلم بصوت مرتفع في الهاتف وغيرها، هذا ما أخبرتنا به لمى محمد، التي اضطرت أن تستنشق «بخاخ الاوكسجين» أكثر من مرة، لكونها تعاني من مرض الربو، إذ طلبت من السائق أن يطفئ سيجارته بسبب ضيق تنفسها، لكنه لم يسمعها بسبب صوت الأغاني العالي وتضيف علي «قررت أن اترجل من العجلة وأكمل باقي الطريق مشياً على قدمي، لكي أتخلص من التدخين والإزعاج الذي كان داخلها». 
 
دهس
وسط الطريق تقف ياسمين امير (33 عاماً) بانتظار خط النقل، الذي يقوم بتوصيلها الى عملها كل يوم، وما ان تقف حتى تبدأ سيارات الاجرة تصطف بجوارها، البعض منهم يخرج رأسه من النافذة ويقوم باطلاق الكلمات المخلة بالحياء، وتضيف ياسمين «انزعج كثيراً من تصرفات بعض سائقي «التاكسي» لكن ليس بوسعي عمل اي شيء غير الصمت، حتى في احدى المرات حاول احدهم دهسي بعجلته، لذلك قررت في اليوم الاخر اصطحاب زوجي ليقف معي بانتظار وصول المركبة المخصصة لنقلي الى عملي».
 
شركات التوصيل
يمسك الشاب ياسر حسام هاتفه النقال ليتصل بأحد موظفي شركة سيارات الأجرة، فلم يعد الامر صعباً مثلما كان في السابق في ظل التكنولوجيا وباستخدام التطبيقات الذكية وحجز سيارات الأجرة بسهولة، هذا ما اكده لنا ياسر، إذ يقول: «استفدنا كثيراً من شركة «التاكسي» لكوننا نشعر بالأمان، فضلاً عن توفر جو ملائم للزبون، ففي السابق كنت أعاني من الانتظار لوقت طويل، وبعض الاحيان نضطر الى قطع مسافة طويلة، حتى نصل إلى الطريق العام لكي نستأجر السيارة، لكون منزلي يقع مسافة بعيدة عن الشارع».
«تاكسي» نسائي
ظهرت في الآونة الأخيرة شركة متخصصة فقط لتوصيل النساء، وقد تم افتتاح هذا المشروع من أجل توفير فرص عمل للنساء، وفي الوقت نفسه التقليل من ظاهرة التحرش، التي ازدادت في الآونة الأخيرة، حتى تتمكن امرأة من الركوب مع امرأة وهي في غاية الاطمئنان، هذا ما وضحته لنا الشابة منار حيدر (26 عاماً)، التي فضلت هذا المشروع كثيراً لكونها تشعر بالارتياح في الركوب مع امرأة هي وأسرتها.  وتضيف حيدر: «في السابق عندما كنت أتأخر على الباصات المخصصة لنقلي الى الجامعة، اضطر الى أخذ سيارة أجرة، وهنا يسيطر عليَّ الخوف كثيراً، فتبقى والدتي على تواصل معي من خلال الهاتف حتى أصل الى الجامعة، أما اليوم فالأمر قد تحسن كثيرا بفضل التاكسي النسائي». 
مهنة شريفة
لا بدّ من الابتعاد عن هذه التصرفات غير اللائقة، فمن يريد كسب الرزق الحلال يجب عليه الالتزام بالأدب والأخلاق، إذ ترى الباحثة ابتسام العلي «هناك بعض التصرفات غير اللائقة التي تصدر من السائقين منها الاقتراب و(الترميش) بمصابيح العجلة للركوب او التحرش، إلّا أنّ البعض من سائقي سيارات الأجرة يتودد بكلمات طيبة، متفنناً بخدمة الزبائن وكسب راحتهم».
تردف الباحثة قائلة: «بعض سائقي الأجرة يقومون بالتصرفات التي تخدش الحياء، منها إطالة النظر بالمرآة، والتذمر والتأفف طول الطريق، واساءة الادب، واستغلال الموقف وسؤال الراكب عن خصوصياته وخصوصا مع الفتيات».