أ.د. عامر حسن فياض
يعرف الجميع أن الانتخابات المبكرة حازت على الصدارة في قائمة المطالب الاحتجاجية للحراك الشعبي ضد حكومة السيد عادل عبد المهدي، وعندما تشكلت الحكومة البديلة للحكومة المستقيلة كان هذا المطلب قد استقطع حصة لا بأس بها في المنهاج الوزاري للحكومة الجديدة.
ان العلامات الفارقة والنقاط الفاقعة الالوان في الخارطة المجتمعية العراقية المعاشة تؤشر وجعاً بل اوجاعاً شاخصة وغضباً يتقدم واحتجاجات متنوعة العناوين تتواصل لتعبر جميعها عن عدم الرضا، وهي احتجاجات مطالبة وليست تظاهرات اسناد، تحتج على سوء الادارة والمحاصصة وعلى الفساد المؤدي الى العجز الخدمي والعبث بالمال العام والعوز التشريعي والعقم الانتاجي والعوق المؤسساتي وفلتان الامن والافلات من العقاب وصمت القضاء.
نعم حصلت الاحتجاجات وتجددت للاسباب وللبواعث ذاتها ولا يلام مواطن يغضب للتعبير عن اوجاعه بشكل سلمي لا ذنب له بالاستفزاز وافتعال التصادم مع القوات الامنية المكلفة بحمايته، نعم يحصل التوظيف البريء وغير البريء لهذه الاحتجاجات من اطراف وجهات تحت مسميات متعددة: (طابور خامس ، طرف ثالث، ذباب الكتروني، جواكر، مندسين ، حصان طروادة، خونة، جواسيس، الخ). نعم عند حصول الاحتجاجات يتم خلط الاوراق وركوب الموجات واجراءات وصيحات امتصاص الغضب او هيجانه، وتصريحات تقليب المواجع وعزف اسطوانات قديمة ورمي تهم على الارث لتبرئة الورثة، غير ان نعم النعم وصح الصح هو ان (ثمن الكشف اقل من ثمن التستر).
وبغض النظر اذا كانت هذه الاحتجاجات طبيعية ام اصطناعية، عفوية مطلبية خدمية ام مختلقة مقصودة سياسية، سنقول ان الانتخابات المبكرة كانت ولا تزال وستبقى هي البديل الذي لا بديل عنه ولا بديل له، كما ان تحديد موعد للانتخابات المبكرة من قبل السيد الكاظمي هو اعلان سريع وليس اعلان متسرع ولا اعلان مزايدات، وهو اعلان تنفيذ تعهد وزاري وبراءة ذمة يسجل للكاظمي ووزارته دون الاصغاء بعد ذلك للمزايدات في تقديم الموعد او تأخيره، ان الكاظمي تعهد ووعد وحتى الان صدق بوعده، وفي السياسة ان غابت المصداقية حلت المزايدة، وان حلت المزايدة رحلت المصداقية.
وبغض النظر عن المعرقلات التشريعية (عدم استكمال التعديل والمصادقة الرئاسية على تعديل قانون الانتخابات) والمعوقات الفنية (ربط تحديد الدوائر الانتخابية المتعددة بالاحصاء والتعداد السكاني وتوفير النفقات المالية للانتخابات) والموانع الاجرائية القضائية (استكمال عدد اعضاء المحكمة الاتحادية) بغض النظر عن كل هذه الحجج ينبغي مواصلة الاستجابة للادارة الشعبية الغاضبة والمطالبة بانتخابات حرة وعادلة ونزيهة ومبكرة.
ويوم الانتخابات المبكرة هو يوم الحساب الارضي في السياسة، يوم يستثنى المواطن من الحساب اما يوم الحساب الآخر فانه سيشمل الجميع حكاماً ومحكومين، ظلاماً ومظلومين من دون استثناء.