التوازن المكوناتي يقصي العارفين!

آراء 2020/12/14
...

 عماد جاسم 
 
يطلقون عليه عرفا( التوازن المكوناتي ) وهو نهج اتخذنه التيارات والأحزاب السياسية، لتوزيع المناصب القيادية بـ( شكل عادل ) من وجهة نظرهم على المكونات الكبيرة لنسيج المجتمع العراقي، عرفيا وطائفيا وقوميا، أي أن تسمية وكلاء الوزراء والمديرين العامين تخضع لآلية متبعة منذ سبعة عشر عاما، تضع في حسابتها الانتماء الطائفي والقومي، ليكون ضمن هندسة التصنيف وتحديد الوزارة، التي يمكن أن يشغل منصبا بها، بعيدا عن التعويل على قدراته وامكاناته ومشاريعه وتاريخه الوظيفي، إذ غالبا ما يتم تعيين ثلاثة وكلاء او أربعة من مكونات مختلفة لكل وزارة، وفي حال تقدم اثنان من المكون نفسه، يستبعد أحدهم او يستبدل بآخر، تبعا لترصين هذا
 النهج!.
 وغالبا ما تكلف اللجان السياسية والاقتصادية في الأحزاب الممثلة المكونات الكبيرة في اختيار مرشحيها، حيث يفضل أن يكون من المجاميع المقربة لهم وبذلك يكون التمثيل حزبيا أكثر ما هو مكوناتي،  ويخضع المرشح لاشتراطات او تعليمات الحزب، الذي يتبنى ترشيحه، وهو ما يهدد المهنية بالانهيار في ظل اعتماد سياسة الإقصاء المتبعة للكفاءات، التي تزخر فيها مؤسساتنا الحكومية، ومؤخرا شهدت  الأوساط الأكاديمية نقاشات ساخنة، حول رفض الكتل النيابية التصويت على أحد الوكلاء، وهو من العلماء العراقيين المطورين لسياسة التعليم العالي ويحمل شهادات دولية في هذا المضمار، بحجة ما يسمى بالتوازن المكوناتي والأكثر دقة لعدم انتمائه لحزب او تيار نافذ يسنده في عملية التصويت الخاضعة لمشرط وشروط المحاصصة، التي باتت تهدد كيان الدولة بالتدمير، بل وتدني القلوب في ظل حاجة ملحة لقيادات تضع عملية الإصلاح في قمة أولوياتها، وتركن جنبا ذلك الولع بالاستحواذ على مناصب تستهلك ميزانية البلاد بامتيازات خرافية لأشخاص يجتهدون لإرضاء احزابهم وزعامتهم قبل العمل الجاد في تحسين واقع البلاد، التي تنتظر النهوض الحتمي في تجاوز مسلسل الولاءات الفرعية من خلال آلية علمية متعقلة لانتقاء عقول عراقية، تتمتع بولائها المطلق للعراق وتدرجت في تطور قالبياتها الإدارية والمهنية، وحققت حضورها الملفت في ميدانها، لتكون الركائز الأساسية في تجاوز الترهل الحاصل للوزارات لتحقيق الطفرة الحقيقية على مستوى رسم الستراتيجيات ومواكبة التقدم العلمي، الذي يتطلب استقدام طاقات فاعلة تحترف اعتماد الخطط الإصلاحية وغير خاضعة لامزجة او ارتهانات القوة الحزبية، التي تفرض سطوتها اليوم في الكثير من مؤسسات الدولة، بالرغم من السعي الجاد للحكومة الحالية في تخطي أزمة المحاصصة عبر التصريحات والمكاشفات والتعيينات
 الأخيرة.