إصلاحات الورقة البيضاء

آراء 2020/12/14
...

 بشير خزعل
يوافق اغلب العراقيين نظرياً على الحاجة إلى التغيير ويتفق عدد قليل على الطبيعة التطبيقية لما يجب أن يكون عليه التغيير، رغم ذلك ما من خيار سهل أمام الدولة حتى إن تمكنت مختلف أطرافها من الاتفاق على حل موحد 
 الاوضاع الاقتصادية الحالية غير المطمئنة اقنعت الطبقة السياسية العراقية بضرورة دعم الورقة البيضاء التي تسعى لانتشال البلاد من مشكلاتها المالية التي وصلت الى حد عدم القدرة على صرف رواتب الموظفين في مواعيدها المحددة، الحكومة العراقية الحالية قامت بخطوة جديدة وغير اعتيادية في ورقة الإصلاح، اذ شخصت المشكلات الاقتصادية والمالية التي تشكّل صعوبات حقيقية يمكن التغلب عليها بأسلوب التخطيط الستراتيجي المبني على التحليل والتشخيص للواقع والتركيز على الأهداف الستراتيجية كأولويات ملحة، كما ان هذه الاصلاحات تتماشى مع متطلبات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لكن هذه التدابير القاسية ربما سيعارضها الشارع العراقي رغم موافقة خبراء الاقتصاد على ضرورة اتخاذها  لحل ازمة العراق الاقتصادية، غير أن تطبيق مثل هذه التغييرات في السياسة سيكون صعبًا على الأرجح، فتخفيض معدل مجموع الأجور ووقف الدعم وخفض قيمة العملة والاقتراض الخارجي والداخلي تشكل الركائز الأساسية للورقة البيضاء، لكن أياً من هذه المهمات لن يكون بسيطًا ولن تحظى الكثير منها بالتأييد الشعبي، اما ما يتعلق بالاقتراض فالحكومة العراقية تسعى إلى الاقتراض، لكن البرلمان العراقي لا يسمح لها بالاقتراض من الخارج، لذا فإن الاقتراض المحلي هو الخيار الوحيد، لكن في دولة تعيش ظرفا استثنائيا وغير مستقرة تكون مصادر التمويل المحلي ضئيلة وغير كافية، ونظرًا للطبيعة المعقدة لهذه المشكلات في العراق، من المرجح أن تواجه هذه الإصلاحات مقاومة سياسية، فقد صدرت الورقة البيضاء في وقت يناقش فيه العراقيون اجراء الانتخابات العامة في شهر حزيران من العام المقبل، ومن الصعب توقّع التزام أي كتلة سياسية بالتدابير التي اقترحتها الورقة البيضاء، كما يشير خبراء اقتصاديون الى عدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على وضع إصلاحات اقتصادية متوسطة الأمد ستستمر للسنوات المقبلة، أي خلال سنوات من ولاية الحكومة المقبلة. ما خلفته النظريات الاقتصادية السابقة وفوضى الخلط بين السوق الحرة المفتوحة ودعم الدولة يتضح في اصلاحات الورقة البيضاء التي تشبه برامج البنك الدولي التي ترغم الحكومات في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط على تقليص النفقات الحكومية في خدمات الصحة والتعليم وسوق العمل وجميعها تعاني اصلا من بنى تحتية ضعيفة وتحتاج الى اصلاح شامل، فهل يسطع بياض ورقة الاصلاح ام سيخفت مع رفض المعترضين او المتضررين منها .