سرير بروكست والآداب العامة!

آراء 2020/12/14
...

 حارث رسمي الهيتي
 
 
بروكست هذا رجل يوناني، كان يتحصن في جبلٍ يقع على الطريق بين أثينا ومدينة يونانية أخرى، شهرة هذا الرجل تأتي من كونه مهووساً بجذب زواره الذين يبذل جهداً كبيراً في اقناعهم بأن يأخذوا من بيته في الجبل محطة استراحة قبل اكمال المسير، وكان مهووساً بأن يجعل من أجسادهم تناسب السرير خاصته، فإن كان ضيفه طويلاً قطع من أقدامه بما يكفي لتلائم سريره، وإن كان قصيراً مطَ جسد 
ضحيته!!
بروكست يختلف بقصته مع ما اريد طرحه هنا، الا ان التشابه الوحيد يكمن في جوهر الدافع لديه ولدى من يريد أن يضبط مجتمعاً ما بمفردات مثل الذوق العام أو الآداب العامة، فرغم عدم وجود تعريف جامع مانع وواضح يبيّن لنا ما المقصود بهاتين العبارتين، الا ان واضعهما ينطلق من منطلق بروكست ذاته، اذ يجب أن يكون الجميع بمقاس واحد، طولاً واحداً  ليناسبوا سريراً عد لهم مسبقاً!! 
الذوق العام والآداب العامة لا تختلف من محافظة الى أخرى في العراق، بل تكاد تكون مختلفة بين قرية و أخرى، ما يعد ذوقاً عاماً في بغداد العاصمة يعتبر خروجاً عليها في الرمادي، وما يعد تقليداً أو عرفاً اجتماعياً في الكوفة لا يجد له ذكراً في الناصرية أو ديالى مثلاً، في الرمادي قبل عام تقريباً، تم ايقاف عدد كبير من الشباب بسبب ارتدائهم الـ» برمودا» واثارت القضية ضجة كبيرة، لذا كان من المهم جداً أن يكتب لنا «المشرّع» مبيناً ما المقصود بهذه العبارة، ليتسنى للمواطن تجنب الوقوع تحت طائلة هذا القانون وعقوبته. 
مهمة واضع القانون، أي قانون كان، أن يحدد الجريمة أو المخالفة بوضوح، وأن يضعها في الموضع الذي لا يقبل تأويلاً من احد يختلف عن التأويل الثاني، كما انه معني جداً بأن يكتب ما يقصده بطريقة يفهمها الناس، ويعرفها البسطاء، شخصياً اختلف كثيراً مع مقولة «القانون لا يحمي المغفلين» وارى ان  من اهم اسباب وجود القوانين حماية البسطاء أو المغفلين، كما يحلو للبعض وصفهم، والا أشك في نوايا واضعي تلك القوانين!!