ما الحل؟

آراء 2020/12/15
...

 د. كريم شغيدل

 
 
نظام الدولة الحديثة هو نظام مدني علماني ديمقراطي ليبرالي، ليس فيه غلبة لشخص أو لحزب أو لطائفة، فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات، وأمام القانون، وصناديق الاقتراع هي الفيصل بين المتنافسين على إدارة الدولة، ولا معيار سوى الكفاءة والنزاهة في اختيار الأشخاص المناسبين للمناصب العليا، لا امتيازات استثنائية ولا خطوط حمراء أو خضراء أو صفراء، الدستور خيمة للجميع، وهناك معارضة سياسية فعالة، وسلطة رابعة هي سلطة الإعلام الذي يتمتع بكامل الحرية بحماية قوانين حق الحصول على المعلومة، وسلطة خامسة هي منظمات المجتمع المدني التي تلاحق كل كبيرة وصغيرة وتقدم العون لأبناء المجتمع وليست مجرد دكاكين لتحقيق المصالح الشخصية، وادعاء عام، فضلاً عن السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
هذا ما كنا نحلم به بعد سقوط النظام الاستبدادي، لكن يبدو أننا غير محظوظين، فقد تكالبت علينا من كل حدب وصوب خناجر الغدر، وأضعفت كيان الدولة ما أتاح لقوى الظلام التغلغل في مفاصل حياتنا، مؤججة نيران الطائفية، ومن ثم التسابق على خلق أضداد نوعية متقابلة، حتى تحول الوطن إلى ساحة للصراعات الدموية وتقاسمته أحزاب كلها تدعي الدفاع عن الطائفة والعرق والمكون، وليس فيها من يضع الدفاع عن الوطن على أجندة أعماله أو أدبيات ايديولوجيته، أحزاب ممولة تمويلاً فكرياً ومادياً من الخارج، حتى الدولة التي ادعت تحريرنا لم تساندنا، ان لم نقل هي من كرس مبدأ المحاصصة، وفتح حدودنا للجماعات التكفيرية الضالة، وتستر على الفاسدين، وشجع على الفوضى، والخاسر الوحيد هو المواطن المسكين الذي لم تقدم له الأحزاب سوى الخراب، وغرس مشاعر الكراهية والتفرقة، وقد أثرى المتحزبون والطائفيون ثراء فاحشاً على حساب قوته وحقوقه في التعليم والصحة والرفاه والحرية ولقمة العيش الكريم.
ما الحل يا ترى؟ هل من الواقعية أن ندعو إلى حل جميع هذه الأحزاب، بعدما استأسدت وامتلكت زمام الأمور بقوة السلطة والمال والسلاح وذاقت حلاوة التسلط ونعيم الثروة ولذة الغلبة؟ لا طبعاً، جل ما نتمناه هو تشريع قانون منصف لتشكيل الأحزاب، يقف حائلاً دون نشر الكراهية والطائفية وامتلاك السلاح والتخابر مع الخارج، والحد من استبدادها.