تمثل مصادر الطاقة الأحفورية مثل الفحم والنفط والغاز، ثلاثة أرباع إجمالي إنتاج الطاقة في العالم. ومصادر الطاقة هذه تعدُّ جزءًا كبيرًا ومهماً ومن أساسيات التطور والتصنيع وخلق الرفاهيَّة للمجتمعات الحديثة، ولذا تعدُّ السيطرة على موارد الطاقة والحصول عليها قوة دافعة للعديد من الدول في الصراعات السياسيَّة الدوليَّة الكبرى. كما أنَّ الطاقة الاحفورية لما لها من فوائد فهي أيضاً المشكلة الرئيسة وراء تغير المناخ الذي يهدد العالم.
والبلدان المتقدمة التي تتنافس في عالم الصناعة والتكنولوجيا تجد من مسؤولياتها إنقاذ الكرة الأرضية مما يواجهها من التغير المناخي، وعواقبه الوخيمة على البشرية في هذه الفترة، وكذلك تأثيره في الأجيال القادمة، وهي تتنافس وتتباهى ببرامج الإنقاذ التي تطرحها في المؤتمرات الدولية أو من خلال عضويتها في المنظمات العالمية المتخصصة في هذا المجال.
وقد تضطر هذه الدول لتغيير استهلاكها لأنواع الطاقة وتغيير سلوكها، وتحاول التخلص التدريجي من استخدام الطاقة الاحفورية واستبدالها بمصادر طاقة أقل ضررًا.
ولهذا بدأت الدول تفكر جدياً بإيجاد مصادر بديلة للطاقة، بعد نشاط وضغط داخليين أيضاً تتعرض لها هذه الدول المنتجة للطاقة الاحفورية.
وهكذا بدأت الدول بتطوير مصادر الطاقة الصديقة للمناخ والبيئة مثل الطاقة المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الأمواج والطاقة العضوية وأخذت في الازدياد، وفي أماكن متعددة في الدول التي أولت أهميةً لذلك، كما وجدت هذه الدول فائدة اقتصادية كبيرة في الاعتماد على الطاقة البديلة.
وتعدُّ الطاقة المتجددة الأرخص والأكثر مرونة، والتي يسهل تطويرها المستمر، ويجعل الطاقة المتجددة أكثر تنافساً.
وعلى الرغم من أنَّ الطاقة المتجددة صديقة للمناخ، فإنها ليست بالضرورة تكون صديقة للبيئة فكل إنتاج الطاقة يؤثر في البيئة. فمثلاً تؤدي عمليات تطوير الطاقة الكهرومائية على نطاقٍ واسعٍ إلى تغييرات كبيرة في المناطق الطبيعية، ما يجب أنْ تكون لدينا طاقة متجددة، لكنْ يجب تطويرها بطريقة تراعي الطبيعة والبيئة والمجتمع.
ومملكة النرويج تعدُّ اليوم واحدة من الدول ذات أعلى معدلات استهلاك للكهرباء في العالم، كما أنها تتمتع بإمكانية أنْ تصبح أكبر مصدر للطاقة المتجددة في أوروبا.
وتعدُّ هذه الدولة أنموذجاً جيداً للدول التي تستثمر الموارد الطبيعيَّة في إنتاج الطاقة، وما يشجع ذلك توفر الموارد وتنوعها كالطقس المتغير والرياح والأمواج كمصادر متجددة ولا تنضب، كما أنَّ المصدر الآخر الذي تعول عليه النرويج وشهد نجاحاً في العشر سنوات الأخيرة هو الطاقة العضويَّة الناتجة من الغاز الحيوي أو ما يُصطلح عليه بالغاز العضوي، فهي طاقة صديقة للبيئة.
تم إنشاء مصانع تدوير النفايات عام ٢٠٠٨ بالتزامن مع حملات توعويَّة عن الحفاظ على البيئة وتضافر الجهود الذي يبدأ بفصل النفايات من المنزل في أكياس خاصة توزع مجاناً، ويتعرف عليها جهاز الفرز الموجود في المصنع الذي يستقبل النفايات ويفرزها بحسب أنواعها، فالبلاستيك يعاد تدويره وإعادة استخدامه لضمان عدم تلوث البحار والمحيطات بالبلاستيك. أما النفايات المكونة من بقايا الطعام والنباتات الميتة وروث الحيوانات، ومخلفات الذبائح من المسالخ فتعالج في هذه المصانع منتجة الغاز العضوي الصديق للبيئة المستثمر كمصدر مهم للغاز الحيوي الذي يسير الحافلات الخاصة لنقل الركاب، وينتج منه السماد العضوي لزراعة آمنة، وباقي النفايات يتم حرقها في هذه المصانع لتزود المدن بالإنارة والتدفئة.
هذه التقنيات تسير بخطوات خجولة في بعض الدول النامية، إلا أنَّ مثل هذه المشاريع تعدُّ حلولاً ناجعةً لدولِ العالمِ الثالثِ. فمن جانب يتم التخلص من النفايات التي تذهب الى مطامر، وقد تكون هذه المطامر غير مطابقة للمواصفات الصحية، وتشكل عبئاً كبيراً على البلديات وبؤرة للأوبئة خصوصاً لسكان المناطق المحيطة بالمدن حيث مواقع هذه المطامر.
ومن جانب آخر فإنَّ هذه المعالجات تكون حلاً لأزمة الكهرباء والوقود وهي مشاريع رائعةٌ لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري كذلك.
هذه المشاريع ترى النرويج نفسها بأنها ملزمة بها لا من ناحية الحفاظ على البيئة والمناخ فقط وإنما من أجل الاحتفاظ بالثروات للأجيال القادمة، فهي ترى الأرض وثرواتها ملكاً للأجيال المقبلة، كما هي للأجيال الحالية، وهو أمرٌ يدخل في صلب التفكير الستراتيجي للحكومات المتعاقبة في هذا البلد.