دراسة الحالة

آراء 2020/12/19
...

  ريسان الخزعلي

                    
واجهت، وتواجه المجتمعات على مَرّ العصور، الكثير من الأزمات والصعوبات في تفاصيل حياتها وإنَّ مسؤولية المعالجة تقع ضمن واجبات الدولة، متمثلة بحكومتها والمؤسسات التابعة لها، وغالباً ما يتم اللجوء الى اسلوب (إدارة الأزمة) الذي يقوم على وضع 
المعالجات الآنيّة بتفويضات وصلاحيات مالية وإدارية أكثر مما هو مُخطط أو مُثبّت في القوانين والأنظمة العاملة، ومثل هذا الاسلوب يتطلب جهداً نوعيّاً خاصاً وتخصيصات مالية اضافية، وفي كل الأحوال، لا يُمثّل المعالجة الستراتيجية للأزمات التي تتجدد بفعل التحوّلات المستمرة التي تحصل في 
المجتمعات.
لقد أوجد خبراء الاقتصاد والإدارة والإحصاء الكثير من الأساليب الناجعة في المعالجة، ومن أهمها اسلوب (دراسة الحالة –case study ) الذي يصح العمل به في مواجهة أيّة أزمة وهذا الاسلوب هو أحد أنواع (بحوث العمليات) المعروفة التي حصلت خلال وبعد الحرب العالمية الثانية وما رافقها من تدمير وخراب في البنى التحتية والاقتصادية والمجتمعية، وما زال معمولاً به حتى 
يومنا هذا .
تعتمد إجراءات دراسة الحالة المسار التالي : تشكيل فريق عمل متخصص وبكفاءات مهنية عالية حسب طبيعة الأزمة، اذ يقوم هذا الفريق بدراسة معمّقة لطبيعة الأزمة وأسباب وجودها، وتعليلها تنظيرياً وكشفاً ميدانيّاً، ثم وضع انموذج الحل الصائب، والانموذج هذا يأخذ شكلين: أما الشكل الوصفي لخطوات الحل أو وضع المعادلة الرياضيّة الخطيّة أو الأكثر تعقيداً، وبعد ذلك يجري التطبيق العملي للحل ومراقبة النتائج وما تتطلب من تعديلات لاحقة وصولاً إلى الانموذج النهائي والمصادقة عليه، لكي يكون واجب التنفيذ من قبل الحكومة، وكمثال فعلي للتوضيح نستذكر ما حصل في دولة متقدمة: 
هنالك زخم مروري في شارع ما  قام الفريق المُكلّف بدراسة الحالة بالكشف على الشارع وملاحظة: طوله وعرضه، هل الشارع باتجاه واحد أو اتجاهين؟، عدد التقاطعات الفرعية والساحات، عدد الاستدارات، معدل مرور السيارات بالساعة الواحدة، انواع السيارات التي تستخدم الشارع، وجود الإشارات الضوئية من عدمه، طبيعة الشارع كونه تجارياً أو 
غير ذلك. 
وبعد الدراسة، كان الحل: الغاء بعض الاستدارات، تحديد التقاطعات الفرعية، تغيير موقع الإشارات الضوئية، تحديد سرعة السيارات المارّة ونوعها . وبذلك انتهى الزخم المروري، إنه مثال بسيط، قد يجعلنا نُفكّر بدراسة حالات ما يواجهنا من صعوبات في حياتنا اليومية في شتى المجالات ووضع انموذج حلّها الأمثل.