في نسبيَّة السيادة ومتاهتها

آراء 2020/12/19
...

 رزاق عداي

السيادة مفهوم ملتبس ومهزوز، خصوصا في  اعقاب الحرب العالمية الثانية، لان بلدانا كبيرة ومتقدمة قبلت بمحض ارادتها وجود قواعد اجنبية على ارضها، في المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي آنذاك، وفي ظل الحرب الباردة في المانيا واليابان هناك  وجود اميركي لغاية اليوم، وفي بلدان  اوروبا الشرقية من قبل الاتحاد السوفييتي السابق 
وقبول هذه البلدان بخرق سيادتها دائما ما يكون محاطا بغلالة خطاب ايديولوجي، بذريعة الدفاع عن كياناتها من مخاطر حقيقية او موهومة، ولكن على العموم النظام العالمي الذي انبثق بعد الحرب العالمية الثانية انتج قوانين تعالج الاحتلال، مثلما حصل في العراق في 2003 عندما غزت اميركا العراق بحجة تحريره، ولكنها تورطت وارتطمت بقوانين الامم المتحدة، لذلك رضخت لاحقا واقرت بالاحتلال، وتحملت مسؤوليتها كدولة محتلة،  مسوغ ومبرر الذين قبلوا بالاحتلال الاميركي هو الغطاء الايديولوجي نفسه، وفحواه انه لا بديل عن الاحتلال الاميركي للقضاء على جبروت النظام السابق. 
لا نأتي بجديد حينما نقول ان اغلب جيران العراق يتدخلون في شأنه الداخلي، سراً وعلانية، فتركيا مثلا لا تخفي نواياها في السيطرة على شريط حدودي في شمال العراق على غرار الشريط السوري الشمالي، بحجة اتفاقية عراقية - تركية محدودة، ابرمت عام  1983، تنص على مطاردة عناصر - حزب العمال الكردستاني التركي - وهذه الاتفاقية مع النظام السابق لم تصل الى مستوى الاتفاقية المسجلة والمودعة لدى الامانة العامة للامم المتحدة، فما معنى توغلها الاخير عسكرياَ؟ ولماذا عندما يستدعى سفيرها في بغداد ويسلم مذكرة احتجاج وادانة، لا يعتذر، ولا يقدم تبريرا، انما بالعكس، يؤكد استمرارية العمليات العسكرية بمنطق يتنافى مع ابسط  القواعد الدبلوماسية، وهناك دولة اخرى تعلن وبشكل سافر وبدون وجل او 
خوف.
فاللامختلف عليه ان السيادة، هي علاقة قوة مع الفضاء الخارجي، تقررها القوة الداخلية للدولة، ومنسوبها محكوم بهذا المعيار، ولا لوم على تركيا او اية دولة اخرى، فكل دولة تحدوها مصالحها الخاصة، ويبقى على حكومة العراق أن تتحمل مسؤوليتها في  توفير شروط السيادة الوطنية.