حياة زوجية من دون أطفال.. كيف يكون طعمها

ريبورتاج 2020/12/20
...


  سرور العلي 
 
تؤثر غالباً الأسباب الطبية والبايولوجية التي تمنع الحمل في تعكير صفو الحياة الزوجية، وأحيانا تقف عائقاً امام متابعة الزواج، وعلى العكس نجد هناك من يواصلان تلك العلاقة، لكون القناعة والحب والوفاء تجمعهما، إذ تبين حوراء محمد (32) عاماً، بحسرة:"لم أنجب منذ خمس سنوات على الرغم من المحاولات المضنية وإجراء جميع الاختبارات، ولا أدري كيف ستنتهي حياتي الزوجية من دون أولاد". 
وترى الموظفة سعاد أحمد أن أساس الأسرة الناجحة هو الأبناء، إذ تشعر الفتاة منذ طفولتها بإحساس الأمومة حين تحتضن دميتها، وكذلك الطفل يربى على فكرة تأسيس أسرة مستقبلاً، ويكون هو رباً لها ومسؤولاً عنها.
 
الحب أم الأمومة 
رحيم حسن (39) عاماً، متزوج منذ تسع سنوات ولم يرزق بأطفال، والسبب يعود إلى عدم إنجاب زوجته، إذ تزوجا بعد قصة حب جميلة، وعلى الرغم من تدخلات الأهل والأصدقاء الكثيرة للتحكم في سير علاقتهما، ومحاولة الإطاحة بها، يصر حسن على اكمال حياته قرب زوجته بالتفاهم والمودة والوصول إلى حلول، بعيداً عن تدخل طرف ثالث يضرهما، مضيفا"لم أهتم لانتقادات الناس ونظرتهم السلبية ووصم زوجتي بالفشل والقصور، اذ لم يكن لها ذنب بما يحصل سوى أنها مشيئة الخالق".
يقول كرار علي (30) عاماً،" شعرت أن حياتي اكتملت عندما أصبح لدي أبناء، وان الحرمان من نعمة إنجابهم هو اختبار من الله لنا".
أميرة خليل (35) عاماً، أم لثلاثة أولاد، أوضحت:"أن الأمومة تسيطر على كل أنثى فهي غريزة تفشل في اخفائها، لكن هناك من يرغبن باستمرار علاقة زوجية لا تحمل أطفالاً، لكي لا تنتهي قصص الحب التي جمعتهن مع أزواجهن وهو اختبار صعب بين الحب والأمومة".
ويبين طبيب الأطفال قاسم محسن" تقوم أسر كثيرة بعد فشلها في الإنجاب بتبني طفل أو كفالة يتيم، لتواصل حياتها بسعادة، كما أن وجود الأطفال في الأسرة لا يكون دائما دليلاً على استقرارها، إذ يكون أحياناً نقمة في حياتهم والدليل على ذلك هو التخلي عنهم بعد ولادتهم، أو معاملتهم بجفاء وقسوة، ومع تقدم مجال الطب أصبحت إمكانيات الإنجاب بطرق مختلفة كثيرة".  
 
إنجاب بعد سنوات
هناك أزواج أنجبوا بعد مرور سنوات طويلة وهذه قدرة الله وحكمته، كحال جنان صباح (45) عاماً، التي لم تنجب لمدة خمسة عشر عاما، فطلبت من زوجها أن يتزوج امرأة أخرى، كي تنجب له أطفالاً وعندما أقدم على ذلك اكتشفت حملها، وقالت صباح مبتسمة"كان لدي يقين بأنني سأنجب رغم كل الظروف التي تشير إلى استحالة الأمر" .
بينما الشاب سامي فاضل انفصل عن زوجته متهماً اياها بعدم الإنجاب،بعد إصرار أسرته على ذلك، فتزوجت آخر، وانجبت طفلا جميلا ليصاب زوجها الأول بخيبة أمل مريرة وشعور بالذنب.    
 إذا كان الهدف من الزواج هو ولادة الأبناء من الطبيعي جداً أن ينتهي إذا لم ينجب الزوجان، أما في حال جمعهما الحب، فسيستمر متحديا المصاعب، فمن أساسيات الزواج الناجح التفاهم والتعاون، وتبادل الأفكار والآراء، والوضوح والصدق، ووجود أهداف مشتركة.
اذ فضلت لمياء فراس (34) عاما، البقاء مع زوجها ومساندته لتخطي مشكلة عدم إنجابه، لأن السعادة على حد قولها لا تقتصر على الأبناء فقط.  
 
رأي المختصين
تؤكد المختصة في علم الاجتماع زينب إبراهيم:"أن نظرة المجتمع للأزواج الذين يواصلون حياتهم من دون إنجاب أطفال تزيد من معاناتهم، كونها نظرة قاصرة وتلام في معظمها المرأة، خاصة إذا كانت عاقرا، ما يدفعها للشعور بالفشل والحزن الدائم، ورؤية جسدها على أنه عاطل وغير سليم، ما يسبب لها الضغط النفسي، والتوتر وفقدان ثقتها بنفسها".
مضيفة" معظم المجتمعات لا تتقبل فكرة أن المرأة لا تنجب، بينما تتعاطف مع الرجل نتيجة عادات وتقاليد متوارثة، فتحث الرجل على الزواج بأخرى، واستمرار الزوجة مع زوجها العاقر".
وتنصح إبراهيم لتجاوز أزمة عدم الإنجاب بتقبل الواقع كما هو، والمضي في طريق الحياة، بالتوقف عن التفكير الزائد والسلبي، والانشغال بأهداف أخرى وطموحات، والتعامل مع الحياة بكل تقلباتها، والابتعاد عن كل ما يذكر بالألم بالنسبة للأم التي اقتنت الأشياء الخاصة بالطفل الرضيع، تمهيدا لوصوله، وتقبل حقيقة عدم الإنجاب والتعامل معه كأي خسارة، ومواجهة الحزن بكل الوسائل المتاحة للتقليل من شعور الذنب واللوم.
واستدركت إبراهيم "يجب المحافظة على الصحة، وإتباع نظام غذائي جيد، والنوم بانتظام لمحاربة الآلام الجسدية، ومقاومة الكآبة والصداع، ومن الضروري الحصول على استشارة من مختصين في علم النفس والصحة العقلية لتلقي الدعم، والتواصل مع أشخاص آخرين يعانون من  التجربة نفسها، لتخفيف وطأة المعاناة، والتعبير عما تشعر به المرأة من إحباط وضغط".
وتوضح التربوية سهى حسين" كم من أسرة مليئة بالمشكلات والصراعات على الرغم من وجود أطفال بينهم، وكم من اسرة تعيش الاستقرار والسعادة، وتبادل الحب والاحترام من دون أبناء، فالزوجان اللذان لم ينجبا يركزان على الحب المستمر بينهما، وكأنهما في سنواتهما الأولى من الزواج ،بعيدا عن ضغوطات الأولاد ومتطلباتهم، ويمكن أن يخففا من التفكير بالإنجاب من خلال القيام بمهارات ونشاطات مختلفة، كممارسة الرياضة والفنون المتنوعة".