أناقة المدن وبلدياتها

آراء 2020/12/21
...

 عبدالامير المجر 

اواخر سبعينيات القرن الماضي، عرضت سينما الرافدين في مدينة (الثورة) فيلما هنديا بعنوان (أمير الفقراء)، البطل كان شابا وسيما، وعلى طريقة الافلام الهندية احبته ابنة رجل غني، ولم يكن الاب مقتنعا بزواج ابنته من هذا الفقير الذي صادف إن جلس قرب ابيها في مقهى او كافتيريا، لا أتذكر، وكان بمعية الغني حاشيته او اصدقاؤه، فأراد أن يوجه إهانة للشاب عندما قال بالنص؛ اذا إردت أن تعرف اناقة رجل، فانظر الى حذائه ..!! شعر الشاب بالحرج ووجد نفسه في موقف لا يحسد عليه لأن حذاءه متهرئ، لقد استدعت ذاكرتي هذا المشهد عندما كنت قبل ايام بمعية اصدقاء، ودار الحديث بينهم عن نظافة مدينة كبيرة في دولة مجاورة، 
لم ازرها انا، ولكنهم اسهبوا في الكلام عن اناقتها الباذخة، حيث الزهور والحدائق التي تشرح النفس، والنظام وغيره، اما السبب المباشر لحضور ذلك المشهد في ذهني هو قول احدهم؛ 
اذا اردت ان تقّيم عمل ادارة أية بلدية لأية مدينة، فانظر الى نظافة واناقة شوارعها!، يا للشبه الكبير بين عبارة الغني الهندي وقصديته الجارحة وبين عبارة الصديق، الذي كان كلامه مقصودا ايضا بالتأكيد!
مأزق المدن العراقية اليوم، هو ان مخصصاتها المالية التي يجب ان تكون بخدمتها، صارت مصادر تمويل للأحزاب التي تحكمها، وفي حال انبرى احدهم قبيل الانتخابات او اخذته الغيرة لخدمة الناس، فان الحزب الشريك في ادارة المحافظة او المدينة، يعرقل تنفيذ المشروع، كي لا يحسب هذا للمسؤول الاول ويحقق فوزا في الانتخابات على حسابه، وبين سرقة الاموال وتعطيل المشاريع ممكنة التنفيذ على قلتها، اصبحت مدننا عبارة عن خرائب تملؤها النفايات، وغابت ملامحها وصرنا نشعر بالخجل، اذا نقلت الفضائيات صورا من داخل العراق لأي حدث، لان منظر مدننا لم يعد يقارن بمنظر اية مدينة في العالم، فحين حصلت التظاهرات في هونغ كونغ، مثلا، صارت مناسبة لنا لنطّلع على المعالم الجمالية للمدنية التي لفتت انتباهنا اكثر من الحدث نفسه، ولسان حالنا يقول؛ اذا اردت ان تعرف حال مدينة فاسأل عن احزابها!.