علي حسن الفواز
يبدو أن توصيف الهجمات السيبرانية التي تعرضت لها اماكن حساسة في الولايات المتحدة، صار موضوع تهديد حقيقي لأمنها القومي التسليحي والاقتصادي، وحتى السياسي، وكشف عن امكانية تحويل تلك الهجمات الى تهديدات دائمة، قد تُغيّر من خارطة الصراع الاقتصادي أو السياسي، مثلما ستُحفّز جماعات القرصنة السيبرانية على توظيفها في مجالات لها علاقة بالابتزاز التجاري، وبالستراتيجيات الأمنية الاميركية، لاسيما ما يتعلق بمراكز ترسانة الاسلحة النووية، والمعلومات والبيانات التي تخصها، حيث طال الهجوم السيبراني ثلاث ولايات أميركية على الأقل، إلى جانب الوكالات الحكومية، فضلا عن وصول التهكير الاجهزة التي تتحكم بأجهزة توزيع الكهرباء. خطورة هذا التهكير السيبراني تحمل معها اسئلة صعبة، فمن هي الجهات التي قامت بهذه الهجمات؟ وهل هي دول أو عصابات؟ وهل أن الغاية من ورائها استفزازية، أم لها اهداف سياسية أم تجارية أم أمنية، أو لها علاقة بالتجسس كما نقل موقع بوليتيكو؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات، حيث نهاية رئاسة ترامب، وبداية رئاسة بايدن؟
لاشك أن هذه الاختراقات السيبرانية عملية معقدة، ولها أهدافها، وهي مادعت لجان الرقابة والأمن الداخلي في مجلس النواب الأميركي، لفتح تحقيق في طبيعة هذا الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له الوكالات الحكومية، للتعرف على حيثياته، ولمعرفة طبيعة تلك التهديدات التي باتت تواجهها الولايات المتحدة، على مستوى علاقتها بالصراع الدولي، أو على مستوى علاقتها بالتهديد الارهابي، وكلا المستويين يتطلبان جملة من الاجراءات، التي دعت الرئيس المنتخب جو بايدن للقول: إن هناك الكثير مما لا نعلمه عن الهجوم السيبراني الذي استهدف شركات أميركية ووكالات حكومية وفيدرالية، فهو هجوم يشكل قلقا كبيرا» ويعني اشغاله عن معالجة تركة الرئيس السابق، لاسيما في التعاطي مع الملفات التي تشكل هاجسا لسنواته المقبلة، ولاعادة النظر بسياسات الولايات المتحدة وتعاطيها مع ازمات مفتوحة.
إن لعبة الحرب لم تعد سهلة، ولا حتى السيطرة، فمثل هذا الهجوم السيبراني الواسع، سيكون اعلانا عن حربٍ من نوع آخر، وسيمثل تهديدا من الصعب السيطرة على تداعياته، لاسيما تلك التي تخصّ آثارها الكارثية التي ترتبط باسرار الامن النووي الفيدرالي، وبالمعلومات الخطيرة التي لها علاقة بأنظمة التسلّح وبالبرامج التي تعدّ جزءا من
ستراتيجياتها.