منارة المظفريَّة {جولي}.. معلمٌ إسلامي وتاريخي

ريبورتاج 2020/12/23
...

 اربيل : سندس عبد الوهاب 
 

تعد منارة المظفرية ثاني معلم تراثي وتاريخي وديني في مدينة اربيل "هولير"، بعد القلعة التاريخية الاثرية، وتسمى بمنارة جولي او المنارة المظفرية، وذاعت شهرتها لجمال منظرها وهندسة بنائها، ويعتقد أن جامع العتيق كان مجاوراً لها، وتمثل المئذنة او المنارة في تكوينها المعماري وعناصرها المعمارية والزخرفية مرحلة متقدمة على مئذنة سنجار والحدباء في محافظة نينوى.
موقع المنارة وأجزاؤها 
تقع المنارة في الجهة الجنوبية من مدينة اربيل على بعد كيلو متر واحد تقريبا من القلعة، وتتكون من جزأين، القاعدة والبدن، وجدرانها مزينة بزخارف الآجر الاحمر، وهذا النوع من البناء مقاوم نسبياً لعوامل الطبيعة، ويبلغ ارتفاعها 45متراً، قبل أن يتضرر جزءها العلوي وينهار، اما حاليا فيبلغ طولها 37متراً، اذ اختلفت الروايات حول سقوطها والبالغ 10امتار، منها رواية تتحدث عن اصطدام اجنحة طائرة بجزئها العلوي، واخرى ان صاعقة قوية وعوامل مناخية اثرت فيها. 
 
البعد التاريخي للمئذنة 
حول البعد التاريخي للمنارة، قال رئيس نقابة الآثاريين في اقليم كردستان الدكتور عبد الله خورشيد في حديث لـ"الصباح" : سميت منارة المظفرية بهذا الاسم نسبة الى من بناها  السلطان الاتابكي مظفر الدين كوكبري صهر صلاح الدين الايوبي الذي حكم اربيل خلال الفترة ( 1190م - 1222م)، ويرجح أن المنارة قد الحقت بجامع كان موجودا من قبل، اذ تم العثور على اساس جامع اقدم من المنارة يعتقد انه بني في العصر الاموي او بداية العصر العباسي، ولكن هذا الجامع  زالت معالمه، وعاشت تلك الحقبة ما يسمى بالعصر الذهبي من نمو ورخاء وبناء وازدهار من خلال بناء المساجد والمستشفيات والمدارس ودار المسنين وذوي الاعاقة وغيرها، كما يطلق عليها سكان الاقليم منارة جولي، ومعناه المنارة في البر لأن المدينة تراجعت عمرانيا بعد سيطرة هولاكو، ما جعل الاهالي يتراجعون، ويكون سكنهم داخل القلعة بعيداً عنها". 
 
تصميم المئذنة او المنارة 
واضاف خورشيد "ان المنارة مؤلفة من قاعدة مثمنة الاضلاع" ومسبعة الشكل في الوقت الحاضر، وقد ذهب احد اضلاعها بسبب الصيانة المتأخرة، ويبرز العنصر المعماري في هذه المنارة بوجود بابين يفضي كل منهما الى سلم، ولا اتصال بينهما، ويدوران حول اسطوانة في باطن المنارة، فيكون باستطاعة شخصين الصعود اليها من دون أن يرى احدهما الاخر حتى يصلا الى برجها، وان قاعدة المنارة عالية وضخمة ومتينة ومضلعة وتشغل ستة من وجوه القاعدة اقواس ذات اطر مستطيلة، وعقود مدببة وبهيئة صفين، احدهما يلي الاخر على كل ضلع  من اضلاعها بشكل مشكاتين، والمشكاة العليا تمتاز بطولها وارتفاعها اكثر من الاولى، وكل مشكاة تكون مستطيلة يعلوها قوس مدبب، اما الجزء الاخر فهو اسطواني الشكل، يصغر قطره مع الصعود الى الاعلى، ويحتوي على عدد من النوافذ للاضاءة".
المراقبة ورفع الأذان 
في الشأن ذاته، قال المختص والباحث في الآثار، زنكنه حمه في حديث لـ"الصباح" : "ان للمنارة اهمية كبيرة في ذلك العصر والتي تشبه الابراج العالمية المائلة، اذ تميل المنارة قليلا من الشمال نحو الغرب من اجل المراقبة من الهجمات الخارجية، ورفع الاذان من قبل المؤذن للتوجه للجامع لتأدية الصلاة، ومراقبة هلال شهر رمضان او الاعياد كعيد الفطر وعيد الاضحى". 
 
المظفريَّة و"البارك" 
 واضاف حمه "ان حكومة اقليم كردستان ابرمت عقدا مع شركة فرات التركية عام 2004 لتحويل المساحة المتروكة والفارغة شرق المنارة الى حديقة عامة، وانجزت فرات المرحلة الاولى من المشروع على مساحة 80 الف متر مربع، وبعد سنتين من العمل تسلمت الادارة المحلية لمحافظة اربيل الحديقة بشكل كامل، وتضم مناطق خضراء واسعة، ومسرحاً صيفياً ونافورات وبعض الديكورات التاريخية واطلق عليها "بارك المنارة"، والدخول اليها مجاني من قبل الزائرين للاستمتاع بالمناظر الجميلة والتوجه الى منارة المظفرية لرؤية الفن الاسلامي والتاريخي، حيث الزخارف الهندسية وجماليتها، لا سيما الكتابة الموجودة فيها". 
 
الصيانة والإعمار 
ويذكر أنه بدعم من قبل وزارة الثقافة في الاقليم، تم استقطاب شركة "كيم ارت" الجيكية عام 2007 من اجل صيانة المنارة، والحفاظ عليها من العوامل الطبيعية والمناخية، وتم استخدام مواد مشابهة مع ما هي عليه الان، من اجل البقاء على طرازها وشكلها العمراني، لاسيما بعد اجراء الفحوصات المختبرية اللازمة عليها.