ضرورات أمنيَّة وتداعيات اجتماعيَّة وغرامات مروريَّة

ريبورتاج 2020/12/26
...

 السماوة : احمد الفرطوسي
يبدو أن منع السيارات من الوقوف في جميع شوارع المحافظة، بدأ يأخذ شكلاً من أشكال القلق الأمني أو العنف الحكومي وفق ما يطلق عليه بعض المواطنين، اذ أخذت الأجهزة الأمنية وشرطة المرور بمنع التوقف في عدد كبير من شوارع المحافظة، ناهيك عن شرطة حراسات الدوائر الحكومية التي تمنع توقف السيارات في الشوارع المقابلة لدوائر الدولة، هذه الحالة أخذت تثقل كاهل المواطن الذي يعاني أصلاً من الإهمال الواضح في شوارع المحافظة، نتيجة تداعيات مشروع مجسر الصدرين الذي أصبح كابوساً، يجثم على صدور أبناء المثنى، ولا نعرف متى نهاية هذا الكابوس رغم تأكيدات الجهة المنفذة ومنذ أشهر عديدة بأن المشروع سيتم انجازه «في الأيام المقبلة»، لكن تداعيات جائحة كورونا أثرت في انجاز وتنفيذ المشروع.
 
غرامات باهظة
يقول المواطن علي محسن (سائق تاكسي) «لا ادري إلى متى يستمر هذا الحال من المنع، اذ إننا نحارب في رزقنا من قبل الأجهزة الأمنية، فكل شارع نرغب في التوقف فيه من اجل انتظار رزقنا نمنع من الوقوف فيه ويقطع لنا وصل بـ(50) الف دينار كغرامة، رغم عدم وجود علامات منع الوقوف، و هنا نتساءل اين يقف سائق التاكسي للحصول على رزقه؟، أليس من المفترض أن يقف قرب الدوائر الحكومية بانتظار المراجعين؟، ام ان الأجهزة الأمنية تريد أن نبتعد مسافات بعيدة عن الدوائر فما الفائدة اذا؟».
 
مسافات
أما المواطن حسين احمد ناهي (موظف)، فيرى أن المسألة ابعد من ذلك، اذ ان المنع اخذ ابعاداً من شأنها أن تزرع التذمر لدى المواطنين والموظفين بشكل متساوٍ.
ويضيف «نحن الموظفين لا نمتلك سيارات، و عندما نخرج من الدائرة لا نجد سيارة تقلنا الى دورنا، فنضطر للسير الى اكثر من 500 متر للحصول على (تاكسي)، ويتساءل حسين « ما هي الضرورة الأمنية التي تستدعي منع السيارات في جميع الشوارع؟، هل أن عملاً تخريبياً في مكان آخر يؤثر بهذا الشكل في شوارعنا، فكيف الأمر لو حصل خرق امني (لا سمح الله) في محافظتنا؟».
المواطنة (س - هـ) (62 عاماً) تقول: «لدي معاملة تقاعد لزوجي المتوفى، تضطرني للمراجعة الدائمة منذ أشهر عديدة، وبما أنني أعاني من أمراض عديدة ولا استطيع السير لمسافات طويلة  اضطر لإيجار سيارة  للوصول الى الدوائر المعنية، لكن هذا الأمر يصطدم بالمنع وعدم وصول السيارة إلى باب الدائرة، وحتى لو وصلت، فكيف احصل على سيارة عندما اخرج من الدائرة؟، لا بد ان أسير مسافة طويلة وانا لا استطيع!».
اما المواطن حميد راهي محسن (سائق تاكسي آخر)، فأشار الى أن «عملية المنع اخذت اشكالاً عديدة من المزاجية احيانا، فقد يسمح للبعض بالوقوف ويمنع البعض الآخر، وهذا من شأنه أن يسبب قمة التذمر لدى المواطن لشعوره بالمحسوبية وعدم تطبيق القانون بالشكل الصحيح، فترى أحيانا وفي شوارع عديدة يمنع سائق سيارة الاجرة من التوقف لالتقاط رزقه، بينما تقف في الشارع سيارات عديدة لمسؤولين او شيوخ عشائر او تجار، من دون أن تحرك الأجهزة الأمنية ساكناً لمنعها».
 
ضرورات أمنيَّة
مسؤول اعلام شرطة المثنى النقيب محمد الخفاجي  قال في هذا الصدد» اولا نحن كجهة امنية مهمتنا الاساسية هي الحفاظ على امن واستقرار المواطن السماوي، وعليه فأنني ارى أن هذا المنع في شوارع المحافظة يسبب ارباكا للمواطن والموظف بالوقت نفسه، لكن هذا يأتي نتيجة لأسباب عدة تؤدي الى اتخاذ مثل هكذا إجراءات، ومنها الأسباب الأمنية التي تستدعي أحيانا المنع في بعض الشوارع، ونحن هنا لسنا ضد الإجراءات الأمنية أو ان يطلق العنان للحركة في الشارع، بل ان الإجراءات الأمنية حالة مطلوبة لحماية المواطن بالدرجة الأولى، لكن ما نرجوه من الجميع أن تكون لديهم مرونة بعض الشيء في حالة المنع والتعامل بروح إنسانية، وكذلك يجب أن تكون هناك استثناءات معينة مثل تسهيل الأمر على المواطنين المرضى والعجزة وبعض الحالات الإنسانية الأخرى».
ويضيف الخفاجي» الحالة الأخرى التي أدت الى تذمر المواطن وتعرضه للمضايقة، هي وجود الحفريات في الشوارع وبشكل عشوائي ادى الى تضييق المساحات وتقليل عدد الشوارع المسموح السير بها بسبب مشروع المجسر الذي لا نعرف متى  نهايته، وأقول بصراحة تامة ان هذا المشروع احرج الحكومة المحلية كثيرا أمام الشارع».
مدير قسم الشرطة المجتمعية في المثنى العقيد علي عجمي اوضح «ان حالات المنع في الشوارع جاءت نتيجة منطقية لأسباب عديدة، منها الوضع الامني والاجراءات المتخذة بهذا الصدد، لكننا نرى ان هناك بعض المبالغة بهذه الاجراءات، وهي وان كانت ذات فائدة، الا انها تجلب التذمر من قبل المواطن، فالمواطن صاحب حاجة يريد قضاءها فيجب أن نضع اجراءات اكثر منطقية من هذه، كذلك عمليات تأهيل عدد كبير من الشوارع اخذت دورا كبيرا في خلخلة الحركة، بسبب عشوائية التنفيذ، اذ لم يأخذ هذا الترميم الشكل المقطعي لكي يخلق حالة من التوازن في تنظيم عملية السير في الشوارع».
ويضيف «قد يرى المواطن نوعاً من التقصير لدى الحكومة في بعض الجوانب، وهذا من حقه، لكن لا بد أن تكون هناك اسباب منطقية لهذا التقصير، ولا يوجد عمل من دون تقديم تضحيات من قبل الجميع».